للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: مسكينة أيضًا، وجمعه مساكين ومسكينون، وقال الجوهري: المسكين الفقير، وقد يكون مع الذلة والضعف، يقال: تسكن الرجل وتَمسكن، كما قالوا: تمدرع من المدرعة، وتمندل من المنديل على تمفعل وهو شاذ، والقياس: تسكن وتدرع وتندل مثل: تسمع وتَحَلَّم، وكان يونس يقول: المسكين أشد حالًا من الفقير، قال: وقلت لأعرابي: أنت أفقير أنت؟ فقال: لا والله، بل مسكين. وقال الخطابي: وقد اختلف الناس في المسكين والفقير، والفرق بينهما. فروي عن ابن عباس أنه قال: المساكين هم الطوافون، والفقراء فقراء المسلمين، وعن مجاهد، وعكرمة، والزهري: أن المسكين الذي يسأل، والفقير الذي لا يسأل. وعن قتادة أن الفقير هو الذي به زمانة، والمسكين الصحيح المحتاج، وقال الشافعي: الفقير من لا مال له ولا حرفة تقع منه موقعا، زَمِنا كان أو غير زمن، والمسكين من له مال أو حرفة ولا يقع منه موقعا ولا يغنيه، سائلا كان أو غير سائل. وقال بعض أهل اللغة: المسكين الذي لا شيء له، والفقير من له البلغة من العيش، واحتج بقى الراعي: أما الفقيرُ الذي كانت حَلُوبَتَه وَفْقَ العِيال فلم يُتركْ له سَبَدُ.

قال: فجعل للفقير حلوبته. وقيل: المسكين أحسن حالًا من الفقير لقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (١) فأثبت لهم مع المسكنة ملكا وكسبا، وهما: السفينة، والعمل بها في البحر، وقيل: إنما سماهم مساكين مجازا، على سبيل الترحم والشفقة عليهم إِذْ كانوا مطلوبين.

وقال صاحب الهداية: الفقير من له أدنى شيء، والمسكين من لا شيء له وهذا مروي عن أبي حنيفة، وقد قيل على العكس والأول أصح، ووجهه {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (٢) أي: لاصقا بالتراب من الجوع والعري، ووجه الثاني أن الفقير مشتق من انكسار فقار الظهر فيكون أسوأ حالًا من المسكين، فإن قلت: فائدة هذا الخلاف ماذا؟

قلت: في الوصايا والأوقاف وفي الزكاة لا يظهر الخلاف عندنا.


(١) سورة الكهف، آية: [٧٩].
(٢) سورة البلد، آية: [٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>