فإن قلت: ما وجه ترجيح احتمال نفي الكمال مع أنه لا دليل يقُطعُ به لأحد الاحتمالين؟
قلت: طلب الموافقة لمعنى حديث المهاجر حتى لا يقع التضاد بينهما، على ما يذكره الطحاوي عن قريب.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عُمر الحوضى، قال: ثنا خالد بن عبد اللهَ، عن إبراهيم الهَجَريّ، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - رضي الله عنه -، عن النبي - عليه السلام - قال:"ليس المسكينَ بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان. قالوا: فما المسكين؟ قال: الذي يستحي أن يسأل، ولا يجدُ ما يُغنيه، ولا يفُطنُ له فيعطَى".
ش: لما نَظَّرَ بهذا في معنى نفي الكمال ذكره مسندا وإلَّا فليس له مدخل في هذا الباب.
وأبو عُمر الحوضي اسمه حفص بن عمر، شيخ البخاري وأبي داود، والحوضي نسبة إلى حَوْض داود، مَحلَّه كانت ببغداد.
وخالد بن عبد الله الطحان، روى له الجماعة، وإبراهيم بن مسلم الهجري قال الأزدي: صدوق، وفي "الميزان": ضعّفه ابن معين، والنسائي.
وأبو الأحوص اسمُه عوف بن مالك، روى له مسلم.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(١) قال: ثنا أبو معاوية، ثنا إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المسكين بالطواف ولا بالذي تردّه التمرة ولا التمرتان ولا اللقمة ولا اللقمتان، ولكن المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا، ولا يُفْطَنُ له فَيُتصَدَّق عليه" وأخرجه الجماعة غير ابن ماجه من حديث أبي هريرة كما يأتي إنْ شاء الله تعالي.
قوله:"ليس المسكين" هو مِفْعِيل من صيغ المبالغة كمنطيق، واشتقاقه من السكون، ويستوي في هذه الصيغة المذكر والمؤنث، يقال: رجل مسكين، وامرأة مسكين،