والآخر: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن عثمان بن عمر بن فارس البصري، عن عمران بن حُدَير ... إلى آخره.
ولقد أنكر ابن عباس - رضي الله عنهما - على معاوية في إيتاره بركعة من غير أن يسبقه تطوع، ولو لم يكن ذلك مخالفًا للسنة لما ساغ له الإنكار عليه، ولا يجوز على ابن عباس أن يكون ما خالف فعل الرسول - عليه السلام - الذي قد تحقق عنده صوابًا.
قوله:"هَزيع من الليل" بفتح الهاء وكسر الزاي المعجمة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره عين مهملة، ومعناه: طائفة من الليل، ربعه أو ثلثه.
قوله:"من أين تُرَى أخذها الحمار" فقوله "تُرَى" جملة معترضة بين كلمة الاستفهام والذي دخلت عليه.
وقوله:"الحمار" إشارة إلى شدة إنكاره عليه في إيتاره بركعة واحدة.
قوله:"وقد يجوز ... " إلى آخره، إشارة إلى جواب آخر، تقريره أن يقال: يجوز أن يكون معنى قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أصاب معاوية" على التقية منه له أي على منه لأجل معاوية، يعني دفعًا عنه ما يعيب به ذلك الرجل عليه حتى يمتنع من أن يعيب عليه، فقال:"أصاب" يعني أصاب في شيء آخر غير إيتاره بركعة واحدة، وهذا من باب الإيهام والتورية، وهو باب شائع ذائع.
وجواب آخر عندي وهو أن قوله:"أوتر بواحدة" لا يستلزم نفي كون ركعتين قد تقدمنا عليها، فيجوز أن يكون معاوية قد صلَّى ركعتين ثم أوتر بركعة أخرى ولم يقف المنكر عليه إلا على ما قد شاهد من إيتاره بالركعة الواحدة، ولم يحط علمه بما قد صلى قبلها، فيكون قول ابن عباس:"أصاب السنة" في كونه أوتر بركعة مع ركعتين قبلها، فافهم.
ص: وقد روي عن ابن عباس في الوتر أنه ثلاث.
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمَّد الفهمي، قال: أنا ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن صالح، عن أبي منصور قال:"سألت عبد الله بن عباس عن الوتر، فقال: ثلاث".