للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: موقوف، عن فهد بن سليمان، عن عبد الله بن يوسف التنيسي شيخ البخاري، عن بكر بن مضر بن محمَّد أبي عبد الملك المصري، عن جعفر بن ربيعة ابن شرحبيل بن حسَنَة الكِنْدي المصري، عن عراك بن مالك الغفاري الكناني، عن أبي هريرة.

وهؤلاء أيضًا رجال الصحيح غير فهد.

وأخرجه البيهقي (١) أيضًا موقوفًا، وأخرجه مرفوعًا أيضًا كما قلناه (٢).

قوله: "فتشبَّهوا بالمغرب" جواب النهي؛ فلذلك جاء بالفاء منصوبًا، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} (٣) والمعنى: لا يكن إيتار بثلاث وتشبيه بالمغرب، ثم استدرك بقوله: "ولكن أوتروا ... " إلى آخره، وليس فيه أيضًا ما يدل على اعتداد الوتر بركعة واحدة، فافهم.

ص: ثم أردنا أن نلتمس ذلك من طريق النظر، فوجدنا الوتر لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون فرضًا، وإما أن يكون سنةً، فإن كان فرضًا فإنَّا لم نر شيئًا من الفرض إلا على ثلاثة أوجه؛ فمنه ما هو ركعتان، ومنه ما هو أربع، ومنه ما هو ثلاث، وكلٌّ قد أجمع أن الوتر لا يكون اثنتين ولا أربعًا، فثبت بذلك أنه ثلاث، هذا إن كان فرضًا.

وأما إن كان سنةً فإنا لم نجد شيئًا من السنن إلا وله مثل في الفرض من ذلك الصلاة منها تطوع ومنها فرض، ومن ذلك الصدقات فإن لها أصلًا في الفرض وهو الزكاة، ومن ذلك الصيام وله أصل في الفرض وهو صيام شهر رمضان، وما أوجب الله -عز وجل- في الكفارات، ومن ذلك الحج يتطوع به وله أصل في الفرض وهو حجة الإسلام، ومن ذلك العمرة يتطوع بها ووجوبها فيه اختلاف وسنبينه في


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٣١ رقم ٤٥٩٤).
(٢) تقدم.
(٣) سورة طه، آية: [٨١]

<<  <  ج: ص:  >  >>