للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج عبد الرزاق (١): عن ابن عيينة، عن يزيد بن خُصيفة، قال: سمعت محمد بن شرحبيل يقول: "رأيت سعد بن مالك صلى العشاء، ثم صلى بعدها ركعة أوتر بها".

ص: فإن قال قائلٌ: ففي حديث عمرو بن مرة ما يدل على خلاف ذلك؛ لأنه قال: "صلى بنا، فلما انصرف جاء فصلى ركعة".

قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك الانصراف إلى منزله، وقد كان صلى قبل ذلك بعد انصرافه من صلاته.

وقد حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: ثنا داود بن أبي هند، عن عامرٍ قال: "كان آل سعد، وآل عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - يُسلّمون في الركعتين من الوتر ويوترون بركعة".

فقد بيَّن الشَّعبِيُّ في هذا الحديث مذهب آل سَعْد في الوتر وهم الْمقتدُون بسَعْد المتبعون لفعله، وأن وترهم الذي كان ركعةً ركعةً إنما هو وتر بعد صلاة قد فصلوا بينه وبينها بتسليم، فقد عاد ذلك إلى قول الذين ذهبوا إلى أن الوتر ثلاث.

وقد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حماد، عن حماد، عن إبراهيم: "أن ابن مسعود - رضي الله عنه - عاب ذلك على سَعْدٍ".

ومحالٌ عندنا أن يكون عبد الله عاب ذلك على سعد -مع نبل سعد وعلمه- إلا لمعنى قد ثبت عنده هو أولى من فعله، ولو كان ابن مسعود إنما خالفه برأيه لما كان رأيه أولى من رأي سَعْدٍ، ولما عاب ذلك على سعد إذ كان مأخذ ذلك هو الرأي، ولكن الذي علمه ابن مسعود مما خالفه فعل سعد في ذلك هو غير الرأي.

ش: هذا اعتراض على الجواب المذكور، تقريره أن يقال: إنكم قلتم: يجوز أن يكون سعد بن أبي وقاص كان يفصل بين شفعه ووتره، فيكون قد صلى شفعه قبل


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٣/ ٢٢ رقم ٤٦٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>