إنك توتر بركعة:"إنما استقصرتها" على ما ذكرناه في رواية ابن أبي شيبة عن قريب.
قوله:"ولو كان ابن مسعود إنما خالفه ... " إلى آخره، جواب عن سؤال مقدر، تقريره أن يقال: لم لا يجوز أن يكون عيب ابن مسعود وإنكاره على سعد برأيه واجتهاده دون أمر ثبت عنده في ذلك؟
وتقرير الجواب: أنه لو كان ذلك برأيه لما كان رأيه أولى من رأي سعد، ولما عاب به أيضًا على سعد؛ لأن مأخذ ذلك منه الرأي، فالذي يفعل شيئًا برأي لا ينكر على من يفعل خلافه برأي أيضًا؛ لأن الإنكار لا مجال له في ذلك، وإنما ينكر على من يفعل برأي إذا كان عنده شيء قد ثبت بنصٍّ يخالف ذلك الرأي؛ فحينئذٍ يكون للإنكار مجال وتوجّه.
قوله:"مع نُبْل سَعْد" بضم النون وسكون الباء الموحدة، أي مع فضله، قال الجوهري: النبل والنبالة: الفضل، وقد نَبُل -بالضم- فهو نبيل.
ثم إسناد ما أخرجه عن للراهيم بن أبي داود البرلسي صحيح. لأن رجاله ثقات.
وأبو داود هو سليمان بن داود الطيالسي، وحماد الأول هو ابن سلمة، وحماد الثاني هو ابن أبي سليمان أحد مشايخ أبي حنيفة، وإبراهيم هو النخعي - رحمه الله -.
ص: وإن احتج في ذلك بما قد حدثنا فهدٌ، قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي، عن يزيد بن أبي مريم، عن أبي عبيد الله قال:"رأيت أبا الدرداء وفضالة بن عبيد ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهم - يدخلون في المسجد والناس في صلاة الغداة، فيتنحون إلى بعض السواري -فيوتر كل واحد منهم بركعة- ثم يدخلون مع الناس في الصلاة".
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك كان منهم بعد ما كانوا صلوا في بيوتهم أشفاعًا كثيرة، فيكون ذلك الذي صلوا في بيوتهم هو الشفع، وما صلوا في المسجد هو الوتر، فيعود ذلك أيضًا إلى أن الوتر ثلاث.
ش: أي: وإن احتج محتج في الإيتار بركعة بما رواه فهد بن سليمان، عن