للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقرير الجواب أن نقول: لا نسلم ثبوت عدم أكل الذبيحة بترك التسمية عمدًا فيما يقتضيه النظر والقياس، فهذا باب تنازع فيه العلماء، فقال بعضهم: تؤكل، وهو قول الشا فعي، ومالك -في قول- وأحمد -في رواية- وقال بعضهم: لا تؤكل، وهو قول الحنفية، فعلى القول الأول لا يرد السؤال، فلا يحتاج إلى الجواب، وهو معنى قوله: فأما من قال تؤكل فقد كفينا البيان، فنحتاج إلى الجواب على القول الثاني، وهو أن يقال: وجوب التسمية على الذبيحة لبيان الملَّة، أي الدين، حتى إذا سمى تصير ذبيحته من ذبائح أهل الدين، وإذا لم يسمّ لم تؤكل؛ لأنَّا إنما أُمرنا بها إظهارا لمخالفة المشركين؛ لأنهم كانوا يسمّون آلهتهم عند الذبح، فكان الترك عمدًا مفسدا، والتسمية على الوضوء ليست لأجل ذلك المعنى، وإنما هي مجعولة لذكر على شرط من شروط الصلاة، وشروط الصلاة كثيرة وهي: الوضوء، وستر العورة، واستقبال القبلة، وغيرها، فلم يقل أحد: إنَّ ستر العورة يحتاج إلى التسمية، أو استقبال القبلة، وأن تركها يضر ذلك، فالنظر على ذلك إذا توضأ ولم يسمّ لا يضره ذلك.

قوله: "من أسباب الصلاة" أراد بها الشروط، وأطلق عليها أسبابا باعتبار اللغة، فإن السبب هو الذي يتوصل به إلى المقصود، ومنه سمى الحبل سببا؛ فكذلك الشروط يتوصل بها إليه.

وفي الاصطلاح: السبب ما يتوصل به إلى الحكم من غير أن يثبت به، والشرط ما يوجد الحكم عند وجوده، وينعدم عند عدمه.

قوله: "وهذا قول أبي حنيفة" وهو قول الشافعي ومالك أيضًا كما ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>