للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل بعضهم بهذا الحديث على أن ركعتي الفجر أفضل من الوتر، وهو قول الشافعي في القديم، وفي قوله الجديد الوتر أفضل.

وحكى الرافعي قولًا لبعض الشافعية أنهما سواء في الأفضلية.

وحكى الرافعي أيضًا عن أبي إسحاق المروزي أن صلاة الليل أفضل من سنة الفجر.

قلت: لا شك أن الوتر أفضل؛ لأنه ملحق بالفرائض، وسنة الفجر ملحقة بالنوافل وباب النوافل أقصر من باب الفرائض، فافهم.

قوله: "ولقد حدثني ابن أبي عمران ... " إلى آخره، أشار بهذا الكلام إلى أن مذهب أبي حنيفة استحباب طول القراءة في ركعتي الفجر، وأنه أيضًا مختاره، وأنه أيضًا مختار إبراهيم النخعي، وهو أيضًا مختار سعيد بن جبير والحسن البصري ومجاهد.

أما أنه مختار أبي حنيفة فلما رواه عن أحمد بن أبي عمران الفقيه البغدادي، عن محمَّد بن شجاع البغدادي ابن الثلجي- بالثاء المثلثة، من أصحاب الحسن بن زياد، كان موصوفًا بالزهد والعبادة والتلاوة، مات وهو ساجد في صلاة العصر، وأصحاب الحديث حملوا عليه كثيرًا، وأمره إلى الله تعالى، فلا يخلو عن نوع تحامل.

والحسن بن زياد اللؤلؤي صاحب الإِمام أبي حنيفة كان فقيهًا كبيرًا عائد بالروايات وأقوال الناس، ولكن المحدثين تكلموا فيه كثيرًا، والله أعلم بحاله، والظاهر أنه تحامل وكيف وقد قال يحيى بن آدم: ما رأيت أفقه من الحسن بن زياد الهروي، ولي القضاء ثم استعفى منه، وكان محبًا للسنة واتباعها حتى كان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه اتباعًا لقوله - عليه السلام -: "ألبسوهم مما تلبسون".

و"الحزب": ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد، والحزب في اللغة: النوبة في ورود الماء.

وأما أنه مختار نفسه فلقد أشار إليه بقوله: "فبهذا نأخذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>