للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرضاهم عندي عمر - رضي الله عنه - أن نبي الله - عليه السلام - قال: لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس".

قوله: "شهد عندي رجال" معناه بيَّنوا لي وأعلموني به، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (١) قال الزجاج: معناه: بيّن.

قوله: "مرضيون" صفة للرجال، وأراد بها أنهم عدول مقبول قولهم.

قوله: "وأرضاهم" أفعل من الرضى، وأراد به المبالغة في الثناء على عمر - رضي الله عنه - وكيف وهو أعدل الناس وأزكاهم بعد النبي - عليه السلام - وأبي بكر - رضي الله عنه -.

وقد اختلف العلماء في تأويل نهيه - عليه السلام - عن الصلاة بعد الصبح والعصر، قال أبو طلحة: "المراد بذلك كل صلاة". ولا يثبت ذلك عنه.

وقال ابن حزم: إن قومًا لم يروا الصلاة أصلًا في هذين الوقتين.

وقال النووي: أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها.

وقال أصحابنا (٢): لا بأس بأن تُصلَّى في هذين الوقتين الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة؛ لأن الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا لمعنى في الوقت فلم يظهر في حق الفرائض وفيما وجب بعينه كسجدة التلاوة، وكذا صلاة الجنازة؛ لأنها ليست بموقوفة على فعل للعبد، ولكن يظهر في حق المنذور؛ لأنه تعلق وجوبه بسبب من جهته، وفي حق ركعتي الطواف، وفي الذي شرع فيه ثم أفسده؛ لأن الوجوب لغيره وهو ختم الطواف وصيانة المؤدى.

فإن قيل: شغل الوقت كله تقديري وأداء النفل تحقيقي.

قلت: الفرض التقديري أقوى من النفل الحقيقي، ولا يظهر النهي في حق مثله من الفرض.


(١) سورة آل عمران، آية: [١٨].
(٢) "الهداية" (١/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>