للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): من حديث يزيد بن المقدام، [عن المقدام بن شريح] (٢) عن أبيه، عن شريح: "أنه سأل عائشة - رضي الله عنها -: أكان النبي - عليه السلام - يصلي على الحصير، فإني سمعت في كتاب الله -عز وجل- {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (٣) فقالت: لا، لم يكن يصلي عليه".

قلت: هذا غير صحيح؛ لأنه معلول بيزيد (٤)، فلا يُعارِض الصحيح.

ص: فإن قال قائل: فإن فعل ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا الذي وصفنا بعد النبي - عليه السلام - يدل على أن ما عمل به من ذلك هو الناسخ.

قيل له: فقد روي عن غير ابن مسعود من أصحاب النبي - عليه السلام - أنه فعل بعد موت النبي - عليه السلام - في ذلك مثل ما روى جابر وأنس - رضي الله عنهما -، فإن كان ما روي عن ابن مسعود من فعله بعد النبي - عليه السلام - دليلًا عندك على أن ذلك هو الناسخ، كان ما روي عن غير ابن مسعود من ذلك دليلًا عند خصمك على أن ذلك هو الناسخ.


(١) ورواه أبو يعلى في "مسنده" (٧/ ٤٢٦ رقم ٤٤٤٨) من طريق ابن أبي شيبة عن يزيد بن المقدام، عن المقدام بن شريح، عن أبيه به.
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "مسند أبي يعلى".
(٣) سورة الإسراء، آية: [٨].
(٤) قلت: قال السيوطي في "الجامع الصغير" (١/ ٣٢٣) بعد أن ذكر هذا الحديث: ورجاله -كما قال الحافظ الزين العراقي- ثقات.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٥٧): رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون.
ويزيد هذا هو ابن المقدام بن شريح بن هانئ الحضرمي الحارثي، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال أبو داود والنسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن شاهين في "الثقات": قال ابن معين: ليس به بأس، وقال عبد الحق: ضعيف، وردّ عليه ذلك ابن القطان وقال: لا أعلم أحدًا قال فيه ذلك.
قال الحافظ: وهو كما قال.
وقال في "التقريب": صدوق.
وكذا قال الذهبي في "الكاشف".
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٤٩١) تحت باب: "الصلاة على الحصير" فكأنه لم يثبت عند المصنف -أي البخاري- أو رآه شاذًّا مردودًا لمعارضته ما هو أقوى منه كحديث الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>