للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس، وفيما حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "أتيت النبي - عليه السلام - وهو يصلي، فقمت عن يساره، فأخلفني فجعلني عن يمينه".

فهذا مقام الواحد مع الإِمام، وكان إذا صلى بثلاثةٍ أقامهم خلفه، هذا لاخلاف فيه بين العلماء، وإنما اختلافهم في الاثنين، فقال بعضهم: يقيمهما حيث يقيم الواحد. وقال بعضهم: يقيمهما حيث يقيم الثلاثة، فأردنا أن نَنْظر في ذلك لنعلم هل حكم الاثنين في ذلك كحكم الثلاثة أو حكم الواحد؟

فرأينا رسول الله - عليه السلام - قد قال: "الاثنان فما فوقهما جماعة".

حدثنا بذلك أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمَّد التيمي وموسى بن إسماعيل، قالا: ثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي - عليه السلام - بذلك.

فجعلهما رسول الله - عليه السلام - جماعةً، فصار حكمهما كحكم ما هو أكثر منهما لا حكم ما هو أقل منهما.

ورأينا الله -عز وجل- قد فرض للأخ أو للأخت من قبل الأم السدس، وفرض للجميع الثلث وكذلك فرض للاثنين، وجعل للأخت من الأب والأم النصف، وللاثنتين الثلثين، وكذلك أجمعوا أنه يكون للثلاث، وأجمعوا أن للابنة النصف وأن للبنات الثلثين، وقال أكثرهم -وابن مسعود فيهم-:

إن للاثنتين أيضًا الثلثين.

فكذلك هو في النظر؛ لأن البنت لَمَّا كانت في ميراثها من أبيها كالأخت في ميراثها من أخيها كان البنتان أيضًا في ميراثهما من أبيهما كالأختين في ميراثهما من أخيهما؛ فكان حكم الاثنين فيما وصفنا حكم الجماعة لا حكم الواحد.

فالنظر على ذلك أن يكونا في مقامهما مع الإمام في الصلاة مقام الجماعة لا مقام الواحد، فثبت بذلك ما روى جابر وأنس، وفعله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>