للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (١) المراد قلباكما؛ إذ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.

فإذا دلَّت هذه الأحكام على أن حكم الاثنين حكم الجماعة لا حكم الواحدة في هذه الصُورَ، فالنظر والقياس على ذلك أن يكون حكم الاثنين في مقامهما مع الإِمام في الصلاة كحكم الجماعة لا حكم الواحد.

والأكثرون من الصحابة والفقهاء وأئمة اللغة على أن أقل الجمع ثلاثة حتى لو حلف لا يتزوج نساء لا يحنث بتزوج امرأتين؛ وذلك لإجماع أهل اللغة والعربية على اختلاف صيغ الواحد والاثنين والجمع في غير ضمير المتكلم مثل: رجل، رجلان، رجال، وهو فَعَلَ، وهما فَعَلا، وهم فَعَلُوا، وأيضًا يصح نفي الجمع عن الاثنين مثل: ما في الدار رجال بل رجلان.

وقد أجابوا عن الحديث بأنه لما دل الإجماع على أن أقل الجمع ثلاثة وجب تأويل الحديث، وذلك بأن يحمل على أن للاثنين حكم الجمع في المواريث استحقاقًا وحجبًا، أو في حكم الاصطفاف خلف الإِمام وتقدم الإِمام عليهما، أو في حكم إباحة السفر لهما وارتفاع ما كان منهيًّا عنه في أول الإِسلام من مسافرة واحد واثنين بناءً على غلبة الكفار، أو في انعقاد صفة الجماعة بهما وإدراك فضيلة الجماعة؛ وذلك لأن الغالب من حال النبي - عليه السلام - تعريف الأحكام دون اللغات.

وعن الآيات بأن فيها إطلاق الجمع على الاثنين مجاز بطريق إطلاق اسم الكل على البعض، أو تشبيه الواحد بالكثير في العِظَم والخطر كما يطلق الجمع على الواحد تعظيمًا في مثل قوله تعالى: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢).

قوله: "فثبت بذلك" أي بما ذكرنا من وجه النظر: ما روى جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وما فعله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وانتفى بذلك ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.


(١) سورة التحريم، آية: [٤].
(٢) سورة النجم، آية: [٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>