جميعًا معه، ويسجد الإِمام والصفُّ الأول، ويقوم الصف الآخر في وجه العدو، فإذا قاموا من السجود سجد الصف المؤخر، فإذا فرغوا من سجودهم فقاموا تقدم الصف الآخر وتأخر الصف المقدم، فيصلي بهم الإِمام الركعة الأخرى كذلك.
ثم اعلم أن صلاة الخوف على أنواع شتّى.
فقال الخطابي: وقد صلاَّها رسول الله - عليه السلام - في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة يتَوخّى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة، وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني.
وقال ابن القصَّار المالكي: إن النبي - عليه السلام - صلاهَّا في عشرة مواطن، وذكر مسلم أربعة أحاديث كل حديث يدل على صورة، وذكر أبو داود ثمان صور، وذكر غيره صُورًا أخرج يبلغ مجموعها ستة عشر وجهًا.
وقال في الإِمام: اختلفت الأحاديث في هيئة صلاة الخوف، فذكر ابن عمر - رضي الله عنهما - هيئةً، وروى صالح بن خوَّات هيئة أخرى، وروى جابر هيئةً أخرى، وأحسن ما بنيت عليه هذه الأحاديث أن تحمل على اختلاف أحوال أدَّي الاجتهاد في كل حالة إلى أن إيقاع الصلاة على تلك الهيئة أحصن وأكثر تحرزًا وأمنًا من العدو، ولو وقعت على هيئةٍ أخرى لكان فيها تفريط وإضاعة للحزم.
وقال عياض: واختلف فقهاء الأمصار في المختلف من الهيئات الواردة في الإيماء، فأخذ مالك برواية صالح بن خوَّات التي رواها عنه في "موطإه".
وأخذ الشافعي وأشهب من أصحاب مالك برواية ابن عمر، وأخذ أبو حنيفة برواية جابر، ولا معنى للأخذ بها إلا إذا كان العدو في القبلة، وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن الإمام يصلي ركعتين وتصلي كل طائفة ركعة لا أكثر، واحتج بما رواه الطحاوي عن ابن عباس في أول الباب.