للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موازي العدوّ، فصلى بالذين خلفه ركعةً، ثم انصرف هؤلاء إلى مصافّ هؤلاء، وجاء أولئك فصلّى بهم ركعةً ولم يقْضوا".

قوله: "بذي قَرَد" بفتح القاف والراء، وبالدال المهملة، هو موضع على ليلتين من المدينة على طريق خيبر، ويقال لغزوة ذي القَرَد: غزوة الغابة أيضًا، وكانت في سنة ست من الهجرة، وقال ابن هشام: واستعمل رسول الله - عليه السلام - على المدينة ابن أم مكتوم.

وذكر ابن سعد أنها كانت في شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة، وكانت لرسول الله - عليه السلام - عشرون لقحة ترْعي بالغابة، فأغار عليها عُيَيْنة في ليلة الأربعاء في أربعين فارسًا، فاستاقوها، وكان أبو ذر فيها، وقتلوا ابن أبي ذر، وجاء الصريخ فنادى: الفزع الفزع، فنودي: يا خيل الله اركبي، وكان أول ما نودي بها، فركب رسول الله - عليه السلام - فخرج غداة الأربعاء في الحديد مقنعًا، فوقف، وكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو وعليه الدرع والمغفر شاهرًا سيفه، فعقد له رسول الله - عليه السلام - لواءً في رمحه، وقال: "امض حتى تلحقك الخيل"، وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يَحْرسون المدينة، فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله - عليه السلام - بذي قَرَد، فاستنقذوا عَشْر لقاحِ، وأفلت القوم بما بقي وهي عشر، وصلى رسول الله - عليه السلام - بذي قَرَد صلاة الخوَف، وأقام بها يومًا وليلة يتحسَّسُ الخبر، وقسم في كل مائة من أصحابة جزورًا ينحرونها، وكانوا خمسمائة -ويقال: سبعمائة- ثم رجع رسول الله - عليه السلام - إلى المدينة يوم الاثنين وقد غاب خمس ليالٍ.

قوله: "مَصافّ هؤلاء" بفتح الميم وتشديد الفاء، جمع مَصَفّ وهو موضع الحرب الذي تكون فيه الصفوف، وأما المُصاف -بضم الميم- فهو بمعنى المُقابِل، يقال: مُصَافّ العدو، أي مقابلهم.

ثم هذا النوع من صلاة الخوف ذهب إليه ابن أبي ليلى؛ فإنه قال: إذا كان العدو بينهم وبين القبلة جعل الناس طائفتين، فيكبّر ويكبّرون، فيركع ويركعون

<<  <  ج: ص:  >  >>