للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: قيل لهم: هذا غير موافق لما روى مجاهد، ولكنه موافق لما روى عبيد الله، عن ابن عباس، وقد تقدّمت حجتنا في أول هذا الباب أن النبي - عليه السلام - محال أن يكون الفرض عليه في تلك الصلاة ركعة واحدة ثم يَصِلُها بأخرى لا يسلم بينهما، فثبت بما ذكرنا أن فرض صلاة الخوف ركعتان على الأمام، ولم يذكر المأمومين بقضاء ولا غيره في هذه الآثار، فاحتمل أن يكونوا قضوا ولا بد -فيما يوجبه النظر- أن يكونوا قد قضوا ركعةً ركعةً؛ لأنا رأينا الفرض على الإمام في صلاة الأمن والإقامة مثل الفرض على المأموم سواء، وكذلك الفرض عليهما في صلاة الأمن في السفر سواء، ومحال أن يكون المأموم فرضه ركعةً فيدخل مع غيره ممن فرضُه ركعتان إلا وجب عليه مثل ما وجب على إمامه ألا تُرى أن مسافرًا لو دخل في صلاة مقيم صلى أربعًا فكان المأموم يجب عليه ما يجب على إمامه، وقد يكون على المأموم ما ليس على إمامه، من ذلك أنَّا رأينا المقيم يُصلي خلف المسافر بصلاته ثم يقوم بعد ذلك فيقضي تمام صلاة المقيم، فكان المأموم قد يجب عليه ما ليس على إمامه ولا يجب على إمامه ما لا يجب عليه، فلما ثبت بما ذكرنا وجوب الركعتين على الإِمام ثبت أن مثلهما على المأموم.

ش: أي قيل لهؤلاء القوم في جواب ما ذكروا من موافقة أحاديث زيد بن ثابت وحذيفة وجابر بن عبد الله وسهل بن أبي حثمة: هذا غير موافق لما رواه مجاهد، عن عبد الله بن عباس من قوله: "إن صلاة الخوف ركعة واحدة"، ولكنه موافق لما رواه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - بذي قرد صلاة الخوف ... " الحديث، وأشار بقوله: "وقد تقدمت حجتنا في أول هذا الباب ... " إلى قوله: "ومحال أن يكون الفرض على الإمام ركعةً فَيصِلُها بأخرى" بلا قعود للتشهد ولا تسليم.

قوله: "إن النبيَّ - عليه السلام -" بالفتح بدل من قوله: "حُجّتَنَا".

قوله: "ثم يَصِلُها بأخرى" أي يصلُ الركعة الواحدة بركعة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>