للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: كيف يذكره الطحاوي في معرض الاستدلال لأهل المقالة الثانية والاحتجاج على أهل المقالة الأولى، وقد رأيت ما قالوا في بعض رواته كما ذكرنا؟! وقد قال البيهقي: هذا مرسل، أبو عبيدة لم يدرك أباه، وخصيف ليس بالقوي وقال الترمذي: أبو عبيدة لم يعرف اسمه ولم يسمع من أبيه شيئًا.

قلت: قال أبو داود: كان أبو عبيدة يوم مات أبوه ابن سبع سنين، وابن سبع سنين مميز يحتمل السماع والحفظ؛ ولهذا يؤمر الصبي ابن سبع سنين بالصلاة تخلقًا وتأدبًا.

وأما خصيف فقد ذكرنا أن أبا زرعة والعجلي وابن معين وابن سعد وثقوه، وقال النسائي: صالح.

وأما بكر بن بكار فقد ذكرنا أن أبا عاصم وابن حبان وثقاه.

وأما عبد الملك بن حسين وإن كانوا قد ضعفوه فإن حديثه في المتابعات، وحديث الضعيف إذا ذكر مع حديث الثقة لا يُناقش فيه، بل يكون مما يُقوّى به الصحيح ويصحح به الضعيف.

قوله: "في حَرَّة بني سُليم" الحَرَّة -بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء- وهي أرض ذات حجارة سود. وبنو سليم قبيلة من قيس غيلان، وهو سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصيفة بن قيس غيلان.

ثم اعلم أنه لما كان المذكور في طريق حديث ابن مسعود قوله: "وكلهم في صلاة" مما يخدش استدلال أهل المقالة الثانية؛ لأن مذهبهم أن دخول الطائفة الثانية في صلاة الإمام لا يكون إلا بعد أن يصلي الإمام مع الطائفة الأولى ركعة.

أجاب عن هذا بقوله: غير أن حديث ابن مسعود ذكر فيه دخولهم في الصلاة معًا، فأردنا أن ننظر هل عارض هذا الحديث -أي حديث ابن مسعود- غيره في هذا المعنى -أي في دخولهم في الصلاة معًا- فأخرج في ذلك حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وهو يخبر أن دخول الثانية في الصلاة بعد أن يصلي الإمام والطائفة الأول ركعةً، ثم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>