للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكتاب شاهد بهذا؛ وذلك لأن الله تعالى قال: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} وهو يدل على شيئين:

الأول: أن الإمام يجعلهم طائفتين في الأصل: طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو على ما قال أبو حنيفة؛ لأنه قال: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} (١).

والثاني: قوله: {لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (١) نفى كل جزء من الصلاة، فظهر أن الآية دلت على أنهم لا يكونون جميعًا مع الإمام، وثبت أن دخول الطائفة الثانية في الصلاة بعد فراغ الإمام من الركعة الأولى، فهذا كله موافق لمذهب أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، ومخالف لمذهب الخصم؛ لأن منهم من يقول: يفتتح جميعٌ الصلاةَ مع الإمام، وهذا خلاف الآية الكريم.

ولما عارض هؤلاء بقولهم: إن خبر ابن عمر موقوف وخبر ابن مسعود مرفوع فكيف يعارضه؟ أجاب عنه بقوله: "وهذا الخبر" أي خبر ابن عمر "صحيح الإسناد وأصله مرفوع"، وقد دل عليه أن أكابر أصحاب نافع مولى ابن عمر مثل موسى بن عقبة وأيوب بن موسى ومجاهد وآخرين رووه عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا وكذا قال مالك: قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي - عليه السلام -.

ثم بيّن ذلك بخمس طرق صحاح:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، شيخ مسلم أيضًا، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه مالك في "موطإه" (٢).

الثاني: عن علي بن شيبة، عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن موسى ابن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر.


(١) سورة النساء، آية: [١٠٢].
(٢) "موطأ مالك" (١/ ١٨٤ رقم ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>