للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "البدائع" (١): واختلف في تأويله، فقيل: زاد على مواضع الوضوء ونقص عن مواضعه.

وقيل: زاد على ثلاث مرات ولم ينو ابتداء الوضوء ونقص عن الواحدة.

والصحيح أنه محمول على الاعتقاد دون نفس العمل، معناه فمن زاد على الثلاث أو نقص عن الثلاث ولم ير الثلاث سنة؛ لأن من لم ير سُنة النبي - عليه السلام - سُنة فقد ابتدع فيلحقه الوعيد، حتى لو زاد على الثلاث أو نقص ورأى الثلاث سُنة؛ لا يلحقه هذا الوعيد؛ لأن الزيادة على الثلاث من باب الوضوء على الوضوء إذا نوى به، وإنه نور على نور على لسان النبي - عليه السلام -.

وقال البخاري: كره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يُجَاوَزَ فعل النبي - عليه السلام -.

هذا من البخاري إشارة إلي نقل الإجماع على منع الزيادة على الثلاث، وقد قال الشافعي في "الأم": لا أحب الزيادة عليها، فإن زاد لم أكرهه -إن شاء الله.

وذكر أصحابه ثلاثة أوجه؛ أصحها: أن الزيادة عليها مكروهة كراهة تنزيه، وثانيها: أنها حرام، وثالثها: أنها خلاف الأولى.

وأبعد قوم فقالوا: إذا زاد على الثلاث بطل وضوءه. حكاه الدارمي في استذكاره، وهو خطأ.

وبقيت هنا فائدتان:

الأولى: بيان ما روي عنه - عليه السلام - أنه توضأ مرتين مرتين، وما روي عنه أنه توضأ بعض وضوئه مرتين وبعضه ثلاثًا، وما روي أنه توضأ بعض وضوءه مرة وبعضه ثلاثًا، فهذه ثلاثة أقسام لم يذكرها الطحاويّ، فنقول:

قال البخاريّ (٢): ثنا الحسين بن عيسي، ثنا يونس بن محمَّد، أنا فليح بن


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٢٢).
(٢) "صحيح البخاري" (١/ ٧٠ رقم ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>