ش: تقرير السؤال أن يقال: كيف قلتم: فكان الأربعُ يومئذٍ مفروضةً على النبي - عليه السلام - وعلى المأمومين به، والحديث يدل على أنه - عليه السلام - خرج من الصلاة بعد فراغه من الركعتين اللتن صلاهما بالطائفة الأولى، وعلى أنه استقبل الصلاة في وقت دخوله فيها مع الطائفة الثانية، والذي دلّ على ذلك هو قوله:"ثم سلّم". والتسليم قاطع؛ لقوله - عليه السلام -: "وتحليلها التسليم"(١).
وتقرير الجواب أن يقال: يحتمل أن يكون سلامه بين الأربع لم يكن لأجل قطع الصلاة، وإنما كان سلام التشهد لأن في التشهد على رأس الركعتين الأولتين من ذوات الأربع تسليمًا في تشهده، ويحتمل أن يكون التسليم حيئنذٍ لم يكن ممنوعًا؛ لكون الكلام مباحًا حينئذٍ غير قاطع للصلاة على ما بيّن ذلك في باب "سجود السهو" على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
ص: وقد روي عن جابر بن عبد الله، عن النبي - عليه السلام - أنه صلاّها على غير هذا المعنى.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البَرْقيُّ، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني يزيدُ بن الهاد، قال: حدثني شرحبيل بن سَعْد، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - عليه السلام - في صلاة الخوف قال:"قام النبي - عليه السلام - وطائفة من خلفه من وراء الطائفة التي خلف النبي - عليه السلام - قعودٌ ووجوههُم كلُهم إلى النبي - عليه السلام -، فكبَّر - صلى الله عليه وسلم - وكبرت الطائفتان، وركع وركعت الطائفة التي خلفه والأخرَى قعُودٌ، ثم سجد فسجدوا أيضًا والآخرون قعودٌ، ثم قام وقاموا فنكصوا خلفه، حتى كانوا مكان أصحابهم، وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم النبي - عليه السلام - ركعةً وسجدتين والآخرون قعود، ثم سلم، فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعةً وسجدتين، ركعةً وسجدتين".