للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا المعنى أشار الطحاوي بقوله: "وتركه أبو حنيفة ومحمد". أي تركا الحديث المروي عن أبي عياش وجابر نحوه؛ لأن فيه مخالفةً لظاهر القرآن؛ لأن الله تعالى قال: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (١)، فهذا يقتضي أن يكون القوم طائفتين: طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، وعلى ما ذهب إليه الثوري وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي يكون القوم جميعهم يفتتحون الصلاة مع الإِمام، فهذا خلاف ظاهر القرآن، والذي يُوافق ظاهر القرآن هو حديث عبد الله ابن عمر، وحديث عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، وحديث حذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم -، فلذلك كانت أحاديث هؤلاء عنده -أي عند أبي حنيفة- أولى من حديثي أبي عياش الزرقي وجابر بن عبد الله هذين، وأشار به إلى المذكورَيْن من حديثَيْهما.

وأما حديث جابر فأخرجه عن أبي بكرة بكار القاضي، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير محمَّد بن مسلم المكي، عن جابر بن عبد الله عن النبي - عليه السلام -.

ولما أخرج أبو داود (٢) حديث أبي عياش الزُّرقي قال: وروى أيوب وهشام، عن أبي الزبير، عن جابر هذا المعنى عن النبي - عليه السلام -، وكذلك رواه داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، وكذلك عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، وكذلك قتادة، عن الحسن، عن حطان، عن أبي موسى فعله، وكذلك عكرمة بن خالد، عن مجاهد، عن النبي - عليه السلام -، وكذلك هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي - عليه السلام -.

قلت: رواية عكرمة وعطاء موقوفة، ورواية مجاهد وعروة مرسلة، فالحاصل أن الحديث المذكور روي بطرق مختلفة ما بين مرفوع وموقوف ومرسل.


(١) سورة النساء، آية: [١٠٢].
(٢) "سنن أبي داود" (٢/ ١١ رقم ١٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>