للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي جعفر الرازي (١)، عن قتادة، عن أبي العالية قال: "صلى بنا أبو موسى بأصبهان صلاة الخوف".

وعن أبي جعفر الباقر (١): "أن عليًّا - رضي الله عنه - صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير".

وكذلك روى (١) عن جماعة من الصحابة جواز فعلها بعد النبي - عليه السلام - منهم: ابن عباس، وابن مسعود وزيد بن ثابت، وآخرون من غير خلاف يحكى عن أحد منهم، ومثله يكون إجماعًا لا يسعُ خلافه.

قوله: "فإن احتج في ذلك" أي فإن احتج أبو يوسف فيما ذهب إليه من منعه صلاة الخوف بعد النبي - عليه السلام - بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} (٢)؛ وذلك أن الله تعالى قد خصّ هذه الصلاة يكون النبي - عليه السلام - فيهم، فإذا خرج من الدنيا عُدِمَ الشرط، وانتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط.

وأجاب عنه بقوله: "قيل له" أي: لأبي يوسف، وتقريره أن يقال: إن الآية ليس فيها أن الرسول إذا لم يكن معهم لا تجوز، ألا ترى إلى قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٣) الآية، فإنه لم يوجب كون النبي - عليه السلام - مخصوصًا به دون غيره من الأئمة بعده، وقد أجمعوا أن ذلك معمول به بعده كما هو معمول به في حياته، وكذلك قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} (٤)، وقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٥)، وقوله: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} (٦)، ففي هذه الآيات تخصيص النبي - عليه السلام - بالمخاطبة والأئمة بعده مرادون بالحكم؛ لأنهم قائمون مقامه؛ فكأنه - عليه السلام - فيهم.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٢٥٢ رقم ٥٨٠٤).
(٢) سورة النساء، آية: [١٠٢].
(٣) سورة التوبة، آية: [١٠٣].
(٤) سورة الممتحنة، آية: [١٢].
(٥) سورة المائدة، آية: [٤٩].
(٦) سورة المائدة، آية: [٤٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>