للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد حدثني ابن أبي عمران أنه سمع أبا عبد الله محمَّد بن شجاع الثلجيَّ يَعيبُ قول أبي يوسف هذا فيقول: إن الصلاة مع النبي - عليه السلام - وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعًا فإنه لا يجوز لأ حد أن يتكلم فيها بكلام يقطعها، ولا ينبغي أن يفعل فيها شيئًا لا يَفْعله في الصلاة مع غيره، وأنه يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره من الأحداث كلها، فلما كانت الصلاة خلفه لا يقطعها الذهاب والمجيء واستدبار القبلة إذا كانت صلاة خوف، كانت خلف غيره أيضًا كذلك، والله أعلم.

ش: قد ذكرنا أن أبا يوسف روي عنه ثلاث روايات في صلاة الخوف إحداها أتى قال: لا تُصلَّى بعد النبي - عليه السلام - لأنهم إنما صلوها لأجل فضل الصلاة معه؛ إذ الفضل الذي يكون وراءه لا يوجد في الصلاة وراء غيره، فلا تصلى بعده إلا بإمامين؛ لأن فضيلة الصلاة خلف الثاني كهي خلف الأول، فلا يحتاج إلى مشي واختلاف واستدبار القبلة ونحوها مما هو منافٍ للصلاة.

وقال الطحاوي: هذا القول عندنا ليس بشيء؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد صلوها بعده - أي بعد النبي - عليه السلام -- منهم حذيفة بن اليمان قد صلاها بطبرستان.

وروى البيهقي (١) من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سُلَيْم بن عبد السلولي قال: "كنت مع سعيد بن العاص بطبرستان وكان معه نفر من أصحاب النبي - عليه السلام -، فقال لهم سعيد: أيكم شهد مع رسول الله - عليه السلام - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، مُرْ أصحابك فليقوموا طائفتين ... " الحديث، وقال الذهبي: سُلَيْم لا يعرف.

وأخرج عن مسلم (٢)، عن عبد الصمد بن حبيب، عن أبيه: "أنهم غزوا مع عبد الرحمن بن سَمُرة كابل، فصلّى بهم صلاة الخوف".


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٢٥٢ رقم ٥٨٠٢).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٢٦١ رقم ٥٨٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>