قام، ثم رفع رأسه فانحدر للسجود، فسجد سجدتين، ثم قام فركع ثلاث ركعات قبل أن يسجد، ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها إلا أن ركوعه نحو من قيامه، قال: ثم تأخر من صلاته، فتأخرت الصفوف معه، ثم تقدم فقام في مقامه وتقدمت الصفوف، فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس، فقال: يا أيها الناس، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله -عز وجل- لا ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ... " وساق بقية الحديث.
قوله: "إبراهيم بن رسول الله عليهما السلام" أمه مارية القبطية، وُلد في ذي الحجة سنة ثمان، وتوفي سنة عشر وهو ابن ثمانية عشر شهرا، هذا هو الأشهر، وقيل: ستة عشر شهرًا، وقيل: سبعة عشر شهرًا، وقيل: ستة عشر شهرًا وثمانية أيام، وقيل: سنة وعشرة أشهر وستة أيام، وتوفي يوم الثلاثاء لعشر ليالٍ خلت من ربيع الأول سنة عشر، وقد صحَّت الأحاديث أن الشمس كسفت يوم وفاته.
فإن قيل: الكسوف في الشمس إنما يكون في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين في آخر الشهر العربي فكيف تكون وفاته في العاشر؟
قلت: هذا التاريخ يحكي عن الواقدي، وهو ذكر ذلك بغير إسناد، وقد تكلموا فيما يُسنده الواقدي، فكيف فيما يرسله؟!
وقال البيهقي: باب "ما يدل على جواز الاجتماع للعيد وللخسوف لجواز وقوع الخسوف في العاشر"، ثم روى عن الواقدي ما ذكرناه من تاريخ وفاة إبراهيم.
وقال الذهبي في "مختصر السنن": لم يقع ذلك، ولن يقع، والله قادر على كل شيء لكن امتناع وقوع ذلك كامتناع رؤية الهلال ليلة الثامن والعشرين من الشهر.
قوله "آيتان" أي: علامتان.
قوله: "لموت أحد" أي: لأجل موت أحد، وهذا ردّ لما قالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم. وقد كان صادف كسوفها يوم موته كما قلنا، ويقال: هذا ردٌّ لكلام