منكسفةً حتى تنجلي فيقطع الصلاة، وذهبوا في ذلك إلى قول النبي - عليه السلام -: "فصلوا حتى تنجلي".
ش: أي احتج هؤلاء الجماعة الآخرون فيما ذهبوا إليه من عدم التوقيت في ركوع صلاة الكسوف بقول ابن عباس: "لو تجلَّت الشمس ... " إلى آخره، وبقوله - عليه السلام -: "فصلوا حتى تنجلي" أي إلى أن تنجلي الشمس أي تنكشف.
وفيه نظر؛ لأن قوله - عليه السلام -: "فصلوا حتى تنجلي" لا يدل على أنه يكثر الركعات في كل ركعة إلى أن تنجلي الشمس، بل يجوز أن يكون المراد تطويل الصلاة بتطويل القراءة إلى أن تنجلي الشمس".
ورجال أثر ابن عباس هذا قد ذكروا غير مرة، وهمام هو ابن يحيى، ويعلي بن حكيم الثقفي المكي روى له الجماعة سوى الترمذي.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: صلاة الكسوف ركعتان كسائر صلاة التطوع، إن شئت طولتهما، وإن شئت قصّرتهما، ثم الدعاء من بعدهما حتى تنجلي الشمس.
ش. أي خالف الفِرقَ الأربعة المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا، فإنهم قالوا: صلاة الكسوف ركعتان كسائر صلاة التطوع، في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان، ويروى ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، وأبي بكرة، وسمُرة بن جندب، وعبد الله بن عمرو، وقبيصة الهلالي، والنعمان بن بشير، وعبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنهم -.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمروى - رضي الله عنهما - قال: "كُسفت الشمس على عَهْد النبي - عليه السلام - فقام بالناس فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل في الثانية مثل ذلك، فرفع رأسه وقد أمحصت الشمس".