للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج أبو داود (١) أيضًا هذا الحديث وسكت عنه، فهذا دليل على صحته عنده كما هو قاعدته (٢) فقال: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: "انكسفت الشمس على عهد رسول الله - عليه السلام - فقام رسول الله - عليه السلام - فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، فقال: أفْ، أفْ. ثم قال: ربِّ، ألم تعِدْني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعِدْني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟! ففرغ رسول الله - عليه السلام - من صلاته وقد أمحصت الشمس ... " وساق الحديث.

قوله: "على عهد النبي - عليه السلام -" أي في زمانه وأيامه.

قوله: "فلم يكد يركع" يعني لم يكد في القيام واقفًا زمانًا طويلًا، ثم ركع فلم يكد يرفع رأسه يعني أنه أطال في الركوع.

قوله: "ثم رفع" أي ثم رفع رأسه من الركوع فلم يكد يسجد ووقف زمانًا طويلًا، ثم سجد، فلم يكد يرفع رأسه من السجدة وقعد زمانا طويلًا، ثم رفع رأسه، وفعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى.

قوله: "وقد أمحصت الشمس" معناه: انجلت من الإمْحاص، وأصل المَحص: الخلوص، وقد مَحَّصْتُه مَحْصًا إذا خَلَّصْته، والمحص هو إذا خلص، وقد يدغم فيقال امّحص، ومنه تمحيص الذنوب وهو التطهير منها، وتمحص الظلمة: انكشافها وذهابها، وفي رواية "محضت الشمس" بالضاد المعجمة والمعنى: نصع لونها وخلص نورُها، وكل شيء خلص حتى لا يشوبه شيء يخالطه فهو محضٌ.


(١) "سنن أبي داود" (١/ ٣١٠ رقم ١١٩٤).
(٢) قد ذكرنا غير مرة في هذا الكتاب أن سكوت أبي داود ليس تصحيحًا منه للحديث، فنص كلامه: "ما فيه ضعف شديدٌ بيَّنته وما سكتُّ عنه فهو صالح". وهذا يقتضي أن ما فيه ضعف ليس بشديد يسكت عنه أيضًا، فسكوت أبي داود لا يفيد إلا أنه ليس فيه ضعف شديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>