قوله:"فافزعوا" بالزاي المعجمة أي: الجئوا إلى الذِّكر والدعاء والاستغفار، واستعينوا بها على دفع الأمر الحادث، وأصل الفزع: الخوف ويوضع موضع الإغاثة والنصر والالتجاء؛ لأن مَنْ شأنه الإغاثة والنصر والالتجاء يكون مُراقِبًا حَذِرًا.
وأما حديث أسماء فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح عن محمَّد بن خزيمة بن راشد، عن الربيع بن يحيى الأُشْناني أبي الفضل البصري شيخ البخاري وأبي داود، ونسبته إلى بيع الأُشْنان، عن زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي روى له الجماعة، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام زوجة هشام بن عروة، روى لها الجماعة، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -.
وأخرجه البخاري (١): ثنا ربيع بن يحيى، ثنا زائدة ... إلى آخره نحوه، غير أن لفظه:"كان النبي - عليه السلام - يأمرنا بالعَتاقة في صلاة الكسوف".
ص: وروي في ذلك عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي - عليه السلام -.
ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شجاع بن الوليد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: سمعت أبا مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فقوموا فصلّوا".
فَأُمِروا في هذا الحديث بالقيام عند رؤيتهم ذلك للصلاة، وأُمِروا في الأحاديث الأُوَل بالدعاء والاستغفار بعد الصلاة حتى تنجلي الشمس، فدل ذلك على أنهم لم يؤمروا ألَّا يقطعوا الصلاة حتى تنجلي الشمس، وثبت بذلك أن لهم أن يطيلوا الصلاة إن أحبوا، وإن شاءوا قصّروا ووصلوها بدعاء حتى تنجلي الشمس.