للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما روي عنه في ذلك: ما حدثنا ابن أبي داود، قال ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - عليه السلام - جَهرَ بالقراءة في كسوف الشمس".

حدثنا فهدٌ، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها، عن النبي - عليه السلام - مثله.

فهذه عائشة تُخْبر أنه قد جهر فيها بالقراءة، فهي أولى لما قد ذكرنا.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان للجماعة الآخرين على الطائفة الأولى في ذلك، أي فيما ذهبوا إليه من جهر القراءة في صلاة الكسوف، وهذا في الحقيقة جوابٌ عن حديثي ابن عباس وسمرة اللَّذيْن تمسك بهما الطائفة الأولى، بيانه أنه يجوز أن يكون ابن عباس وسمرة لم يسمعا من النبي - عليه السلام - في صلاته تلك حرفًا، والحال أنه - عليه السلام - قد كان جهر فيهما ولكنهما لم يسمعا ذلك لبعدهما عن النبي - عليه السلام -، فحكيا على ما شاهداه من ذلك، فإذا كان كذلك فهذا لا ينفي جهرَه - عليه السلام - بالقراءة فيها؛ لأنه قد روي عنه أنه قد جهر فيها بالقراءة، وهو معنى قوله: "إذْ كان قد روي عنه أنه قد جهر فيها بالقراءة"، وكلمة "إذْ" ها هنا للتعليل.

ثم بيَّن ذلك بما أخرجه عن عائشة - رضي الله عنها - من طريقين:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلّسي، عن عمرو بن خالد بن فروخ الحراني نزيل مصر وشيخ البخاري، عن عبد الله بن لهيعة المصري، وهو إن كان فيه مقال فقد وثقه أحمد وغيره، على أن حديثه ها هنا متُابع لآخر قد رواه بطريق صحيح جدًّا على ما يجيء الآن، وبهذا يندفع ما قاله البيهقي أن الطحاوي قد يحتج في كتابه بابن لهيعة. وهو يَرْوي عن عُقَيل -بضم العين وفتح القاف- بن خالد بن عَقِيل -بالفتح- الأيلي روى له الجماعة، عن محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>