للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسائي (١): عن إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا الوليد، قال: ثنا عبد الرحمن ابن نمر، أنه سمع الزهريُّ يحدث، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -، عن رسول الله - عليه السلام -: "أنه صلى أربع ركعات في أربع سجدات وجهر فيها بالقراءة، كلما رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد".

ص: وقد كان النظر في ذلك لما اختلفوا: أنَّا رأينا الظهر والعصر يُصَلَّيَان نهارًا في سائر الأيام ولا يجهر فيها بالقراءة، ورأينا الجمعة تُصلى في خاصٍّ من الأيام ويجهر فيها بالقراءة، وكانت الفرائض هكذا حكمها، ما كان منها يُفعل في سائر الأيام نهارًا خُوفِتَ فيه، وما كان منها يفعل في خاصً من الأيام جُهِرَ فيه، وكذلك جُعل حكم النوافل، ما كان منها يُفعَل في سائر الأيام نهارًا خُوفِتَ فيه بالقراءة، وما كان منها يُفعل في خاصٍّ من الأيام مثل صلاة العيدين يُجْهر فيها بالقراءة، هذا ما لا اختلاف فيه بين الناس، وكانت صلاة الاستسقاء في قول من يرى في الامشسقاء صلاةً هكذا حكمها عنده يجهر فيها بالقراءة.

وقد شَدَّ قوله في ذلك ما روينا عن النبي - عليه السلام - فيما تقدم منا في كتابنا هذا في جهر القراءة في صلاة الاستسقاء. فلما ثبت ما وصَفْنا في الفرائض والسنن؛ ثبت أن صلاة الكسوف كذلك أيضًا، لَمَّا كانت من السنن المفعولة في خاصٍّ من الأيام، وجب أن يكون حكم القراءة فيها كحكم القراءة في السنن المفعولة في خاص من الأيام وهو الجهر لا المخافتة قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا، وهذا قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله.

ش: أي: وقد كان القياس في حكم القراءة في الكسوف حين اختلفوا فيها هل يجهر أو يخافت؟ أنَّا رأينا صلاتي الظهر والعصر يُخافت فيهما بالقراءة لكونهما من الصلوات النهارية غير المخصوصة، ورأينا الجمعة يُجهر فيها بالقراءة لكونها في يوم


(١) "المجتبى" (٣/ ١٤٨ رقم ١٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>