للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "جَهْد" بفتح الجيم أي مشقة وتعب، ولا تستعمل في هذا المعنى إلا بالفتح، وأما الجُهد -بالضم- فهو الوِسْع والطاقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة.

قوله: "وثِقَل" بكسر الثاء وفتح القاف ضد الخِفَّة، وأما الثِّقْل -بكسر الثاء وسكون القاف- فهو واحد الأثقال مثل حِمْل وأَحْمَال، ومنه قولهم: أعط ثِقْلَه أي وزنه، وأما الثَّقَل-بفتحتين- فهو متاع المسافر وحشمه، والثقلان: الإنس والجن، والثَّقلةُ -بزيادة الهاء- هي الفتور والكسل في الجسم.

قوله: "فإن استيقظ" جوابه محذوف تقديره: فإن انتبه أحدكم فيها "وإلا" أي وإن لم يستيقظ كانت الركعتان له من صلاة الليل، فدل الحديث على إباحة الصلاة بعد الوتر وأنها لا تنقض وتره.

ص: فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تطوع بعد الوتر بركعتين وهو جالس، ولم يكن ذلك ناقضًا لوتره المتقدم، فهذا أولى مما تأوّله أهل المقالة الأولى وادّعوه من معنى حديث علي - رضي الله عنه - أن النبي - عليه السلام - انتهى وتره إلى السحر مع أن ذلك أيضًا ليس فيه خلاف عندنا لهذا؛ لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ثم يتطوع بعده قبل طلوع الفجر.

فإن قال قائل: فيحتمل أن تكون تانك الركعتان هما ركعتا الفجر فلا يكون ذلك من صلاة الليل.

قيل له: لا يجوز ذلك من جهتين:

أما إحداهما: فلأن سعد بن هشام إنما سأل عائشة عن صلاة النبي - عليه السلام - بالليل، فكان ذلك منها جوابًا لسؤاله، وإخبارًا منها إياه عن صلاته بالليل كيف كانت.

والجهة الأخرى: أنه ليس لأحد أن يُصلّي ركعتي الفجر جالسًا وهو يُطيق القيام؛ لأنه بذلك تارك لقيامها، وإنما يجوز أن يُصلّي قاعدًا وهو يطيق القيام ما

<<  <  ج: ص:  >  >>