للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أن لا يصليه البتّة ويكون له تركه، فيكون كما له تركه بكماله يكون له ترك القيام فيه، فأما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه، فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوع بهما النبي - عليه السلام - بعد الوتر كانتا من صلاة الليل، وفي ذلك ما

يجب به قول الذين لم يَرَوْا بالتطوع في الليل بعد الوتر باسًا ولم ينقضوا الوتر،

وقد روي عن النبي - عليه السلام - في ذلك من قوله- ما يدل على هذا أيضًا - ما قد ذكرنا

عنه في حديث ثوبان - رضي الله عنه -.

ش: نبّه بقوله: "فهذا رسول الله - عليه السلام -" على أنه - عليه السلام - قد تطوع بعد وتره كما

صرَّح به في حديث عائشة وأنس وأبي أمامة - رضي الله عنهم -، وأنه قد دل على أن ذلك لم يكن

ناقضًا لوتره المتقدم، وكذا أمره بالركعتين في حديث ثوبان يدلّ على ذلك.

ثم إنه رجَّح هذا المعنى الذي احتج به أهل المقالة الثانية على المعنى الذي تأوّله

أهل المقالة الأولى من قول علي - رضي الله عنه - في حديثه: "ثم ثبت له الوتر في هذه الساعة.

قال: وذاك عند طلوع الفجر".

وقد أوّل الطحاوي هذا فيما مضى بقوله: "وهذا عندنا على قرب طلوع الفجر قبل أن يطلع الفجر"، فيكون المعنى: عند مشارفة الوقت الذي صلّي فيه على طلوع الفجر كما في قوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} (١) أي: فإذا أشرفن على بلوغ الأجل، وإنما أوّل بهذا التأويل ليرتفع الخلاف بين حديثي علي:

أحدهما: ما رواه عنه عاصم بن ضمرة: "كان النبي - عليه السلام - يوتر أول الليل وفي وسطه وفي آخره، ثم ثبت له الوتر في آخره".

والآخر: ما رواه عنه عبد خير: "كان يوتر أول الليل، ثم بدا له فأوتر وسطه، ثم ثبت له الوتر في هذه الساعة. قال: وذاك عند طلوع الفجر".

قوله: "مع أن ذلك أيضًا ... " إلى، آخره، جواب آخر بطريق التسليم، يعني:


(١) سورة الطلاق، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>