يأتون كل ليلة، حتى إذا كان ليلة من الليالي لم يخرج إليهم رسول الله - عليه السلام -، فتنحنحوا ورفعوا أصواتهم وحصبوا بابه، قال: فخرج إليهم رسول الله - عليه السلام - مغضبًا فقال: أيها الناس، ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن سَتُكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
قوله: "احتجر" افتعل من الحجرة وهي الموضع المنفرد، والمعنى: اتخذ حجرة أو اقتطع موضعًا حَجَرهُ عن غيره، والحجر: المنع، ومنه سميت الحجرة.
قوله: "من حصير" وهو الذي يُصْنَع من خوص المقل والنخل، قال عياض في "شرح مسلم": الخصفة والحصير بمعنًى.
وفي "المحكم": أن الحصير يُصْنع من برديّ وأسل، ثم يفترش؛ سُمّي بذلك لأنه يلي وجه الأرض، ووجه الأرض يسمى حصيرًا.
وفي "الجمهرة": الحصير عربي؛ سُمي حصيرًا لانضمام بعضه إلى بعض.
ومما يستفاد منه:
جواز اتخاذ الحجرة في المسجد إذا لم تضر بالمصلين، وجواز صلاة النفل فيه، والأفضل في النفل إقامته في المنازل والبيوت.
الثاني: أيضًا إسناده صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود، عن يحيى بن صالح الشامي الدمشقي -ويقال: الحمصي- الوُحَاظي -نسبة إلى وُحَاظة- بن سعد أحد مشايخ البخاري، عن سليمان بن بلال القرشي التيمي أبي محمَّد المدني روى له الجماعة، عن بردان -بفتح الباء الموحدة وسكون الراء- وهو لقب إبراهيم ابن أبي فلان، ولهذا ترك العاطف بين بردان وبين إبراهيم؛ لأن إبراهيم وقع عطف بيان عن بردان، وإبراهيم بن أبي فلان هو إبراهيم بن أبي النضر سالم بن أبي أمية القرشي المدني، وثقه ابن حبان، وروى له أبو داود، وهو يروي عن أبيه أبي النضر سالم، وقد مرَّ ذكره في الطريق السابق، وهو يروي عن بُسْر بن سعيد ... إلى آخره.