وقوله:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}(١)، ولدلائل أخرى ذُكرت في موضعها. وذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق والأوزاعي وداود إلى أنها سنة.
وعن مالك كقول أبي حنيفة، وعنه فضيلة.
الرابع: يجوز أن يكون إنما تركه لكون أنها لا سجود فيها كما ذهبت إليه أهل المقالة الأولى.
فلما وجد ها هنا أربع احتمالات وليس أحدها أولى من الآخر إلا بدليل يوجب ترجيحه على غيره، احتجنا في ذلك إلى أن نلتمس حديثا آخر يؤخذ منه حكم هذه السورة هل فيها سجدة للتلاوة أم لا؟
فنظرنا في ذلك، فرأينا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قد روى حديثًا يدل على أن فيها سجدة، فرجَّح هذا الحديث الاحتمالين الأولين، فوجب العمل بالحديثين، فبحديث عبد الله وجوب السجدة في هذه السورة، وبحديث زيد بن ثابت تركها عند عدم الوضوء إلى وقت الوضوء، وعند الوقت المكروه إلى وقت غير مكروه.
وقال الترمذي: وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث وقال: إنما ترك النبي - عليه السلام - السجود لأن زيد بن ثابت حين قرأ فلم يسجد فلم يسجد النبي - عليه السلام -.
وقالوا: السجدة واجبة على مَنْ سمعها ولم يرخصوا في تركها.
وقالوا: إن سمع الرجل وهو على غير وضوء فإذا توضأ سجد، وهو قول سفيان وأهل الكوفة وبه يقول إسحاق.
وقال بعض أهل العلم: إنما السجدة على مَن أراد أن يسجد فيها والتمس فضلها، ورخّصوا في تركها.
وقال الطبري في "تهذيب الآثار": هذا الحديث محمول على أن زيدًا القارئ لم يسجد، وجماعة من العلماء عندهم إذا لم يسجد القارئ لا يسجد المستمع، بيان ذلك