للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفصل لذلك، ولعله أيضًا لم يسجد في تلاوة ما فيه سجود أيضًا من غير المفصل.

ش: أشار بهذا الكلام إلى بيان شيئين:

الأول: بيان الخلاف الواقع في صفة سجدة التلاوة هل هي واجبة أم سنة؟

والثاني: إلى بيان عارض من تلك العوارض التي ذكرها في جواب ذلك المعترض حيث قال: لأنه قد يحتمل أن يكون النبي - عليه السلام - ترك ذلك لمعنًى من المعاني التي ذكرناها في الفصل الأول، وأراد بالمعاني: العوارض التي ذكرها هناك.

بيان ذلك: أن بعض الصحابة قد ذهبوا إلى أن سجود التلاوة ليس بواجب، وأن القارئ مخيّر بين أن يسجد وبين أن يترك، فإذا كان الأمر كذلك فيمكن أن يكون قول أبي بن كعب: "ليس في المفصل سجود" على معنى سجود فرض أو واجب، وليس في ذلك نفي أصل السجدة، والمدعى أن في (النجم) سجدة، ثم كون هذا السجود واجبًا أو سنة شيء آخر لا يتعلق بالمدعى، وممن ذهب من الصحابة إلى أن سجود التلاوة ليس بواجب: عمر بن الخطاب، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن الزبير.

وأخرج ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من طريقين صحيحين:

أحدهما: عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن

هشام بن عروة عن أبيه "أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة ... " إلى آخره.

وأخرجه مالك في "موطئه" (١).

وقال البخاري (٢): ثنا إبراهيم بن موسى، قال: أنا هشام بن يوسف، أن ابن جريج أخبرهم، قال: أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة، عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي، عن ربيعة بن عبد الله بن الهُدَير التَّيْمي- قال أبو بكر: وكان ربيعة من خيار


(١) "موطأ مالك" (١/ ٢٠٦ رقم ٤٨٤).
(٢) "صحيح البخاري" (١/ ٣٦٦ رقم ١٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>