ما قد حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه (ح).
وحدثنا محمَّد بن عمرو، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه:"أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ السجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجدوا معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود، فقال عمر: على رِسْلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. فقرأها ولم يسجد ومنعهم أن يسجدوا".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن قال:"مرّ سلمان - رضي الله عنه - بقوم قد قرءوا بالسجدة فقيل له: ألا تسجد؟ فقال: إنا لم نقصد لها".
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة قال:"لقد قرأ ابن الزبير - رضي الله عنه - السجدة وأنا شاهد فلم يَسْجد، فقام الحارث بن عبد الله فسجد فقال: يا أمير المؤمنين ما منعك أن تَسْجُدَ إذ قرأت السجدة؟ فقال: إني إذا كنت في صلاة سجدت، وإذا لم أكن في صلاة فإني لا أسجد".
فهؤلاء الجلّة لم يروها واجبة، وهذا هو النظر عندنا؛ لأنا رأيناهم لا يختلفون أن المسافر إذا قرأها وهو على راحلته أو في جهاد لم يكن عليه أن يسجدها على الأرض، فكانت هذه صفة التطوع لا صفة الفرض؛ لأن الفرض لا يُصلّى إلا على الأرض والتطوع يُصلّى على الراحلة.
وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله يذهبون في السجود إلى خلاف ذلك ويقولون: هي واجبة.
فثبت بما وصفنا أن ما ذكروا عن أبي لا دلالة فيه على أن لا سجود في المفصل؛ لأنه قد يجوز أن يكون الحكم كان في السجود عند رسول الله - عليه السلام - على واحد من المعاني التي ذكرناها في ذلك عن عمر وسلمان وابن الزبير - رضي الله عنهم - فترك السجود في