للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فَأُبَيّ بن كعب - رضي الله عنه - قد قرأ عليه النبي - عليه السلام - القرآن كله، فلو كان في المفصل سجود إذًا لعلمه بسجود النبي - عليه السلام - فيه لما أتى عليه في تلاوته". ولا حجة له في هذا عندنا؛ لأنه قد يحتمل أن يكون النبي - عليه السلام - ترك ذلك لمعنًى من المعاني التي ذكرناها في الفصل الأول.

ش: هذا اعتراض من جهة أهل المقالة الأولى، بيانه: أن القائل منهم اعترض بأن في الحديث دلالةً أيضًا على نفي السجدة في النجم؛ وذلك لأن عطاء بن يسار لما سأل أُبيًّا: هل في المفصل سجدة؟ قال له: لا. فقوله هذا يدل على نفي السجدة فيها؛ إذ لو كان فيها سجدة لكان قد علم ذلك بسجود النبي - عليه السلام - حين قرأها عليه.

وأخرج حديثه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن الحسين اللهبي -من ذرية أبي لهب بن عبد المطلب- ثقة، عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك دينار المدني روى له الجماعة، عن داود بن قيس الفراء الدباغ المدني روى له الجماعة البخاري مستشهدًا، عن زيد بن أسلم القرشي المدني روى له الجماعة، عن عطاء بن يسار الهلالي المدني روى له الجماعة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع، عن داود بن قيس، عن زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي بن كعب قال: "ليس في المفصل سجود".

والجواب ما ذكره بقوله: "ولا حجة له" أي لهذا القائل المعترض؛ لأنه قد يحتمل أن يكون النبي - عليه السلام - ترك ذلك لمعنى من المعاني التي ذكرناها في الفصل الأول، وهو أن يكون تركه إما لكونه حينئذٍ على غير وضوء، أو لكون الوقت وقت كراهة.

وفيه نظر لا يخفى على الفطِن.

ص: وقد ذهب جماعة من أصحاب النبي - عليه السلام - في سجود التلاوة إلى أنه غير واجب، وإلى أن التالي لا يضرّه أن لا يفعله، فمما روي عنهم في ذلك:


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٣٦٨ رقم ٤٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>