فإن قيل: قد صححه الترمذي كما ذكرناه وذكره ابن منده في "معرفة الصحابة"، ورواه بقية، عن إبراهيم بن يزيد بن ذي حماية، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه. فهذا راوٍ آخر لجابر غير يعلى ابن عطاء وهو ابن عمير.
قلت: لو كان ما كان فلا يساوي حديث عمر - رضي الله عنه -، ويعارض كلام ابن منده ما قاله علي بن المديني: روى عن جابر بن يزيد بن الأسود يعلى بن عطاء، ولم يرو عنه غيره. كما ذكرناه في ترجمته، والنفي مقدم على الإثبات، فيكون يعلى متفردًا بهذه الرواية , فلا يتابع عليها.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذه الآثار , فقالوا: إذا صلى الرجل في بيته صلاة مكتوبة -أيّ صلاة كانت- ثم جاء إلى المسجد فوجد الناس وهم يصلون؛ صلاها معهم.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري والزهري والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق؛ فإنهم قالوا: إذا صلى الرجل في بيته صلاته الفرض ثم جاء إلى المسجد فوجد الناس يصلون؛ يدخل معهم في صلاتهم أي صلاة كانت.
وقال الأوزاعي والنخعي: لا يصلي في المغرب والصبح ويصلي في غيرهما.
وقال مالك: لا يصلي في المغرب فقط. وهو قول الثوري في رواية.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: كل صلاة يجوز التطوع بعدها فلا بأس بان يفعل فيها ما ذكرتم من صلاته إياها مع الإِمام على أنها نافلة، غير المغرب فإنهم كرهوا أن تُعاد؛ لأنها إن أُعيدت كان تطوعًا، والتطوع لا يكون وترًا إنما يكون شفعًا، وكل صلاة لا يجوز التطوع بعدها فلا ينبغي أن يُعيدها مع الإِمام؛ لأنها لا تكون تطوعًا في وقت لا يجوز التطوع فيه.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا قلابة وأبا مجلز ومسروقًا وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: كل صلاة يجوز التطوع بعدها كالظهر والعشاء فإنه يصليهما مع الإِمام أيضًا، وكل صلاة يكره