جميعًا فريضتين، ثم نُهوا عن ذلك، فعلى أي الأمرين كان فإنه قد نسخه ما قد ذكرنا، وممن قال بأنه لا يعاد من الصلوات إلا الظهر أو العشاء الآخرة: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - عليه السلام -، وهذا مما قد تواترت -أي تتابعت وتكاثرت- به الروايات حيث أخرجه أصحاب الصحاح والحسان وهو ما رووه عن ابن عباس أنه قال:"شهد عندي رجال مَرضيّون وأرضاهم عندي عمر أن النبي - عليه السلام - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب" ذكره مسندًا في باب (١) أشار إليه بقوله: "وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من كتابنا هذا".
وقال ابن بطال: تواترت الأخبار والأحاديث عن النبي - عليه السلام - أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، وهذا بعمومه يتناول الصورة التي فيها النزاع، وقد روي عن أبي طلحة: أن المراد بذلك كل صلاة.
قوله:"وذلك" أي الحديث المذكور الذي رواه ابن عباس "عندهم" أي عند هؤلاء الآخرين "ناسخ لما رويناه في أول هذا الباب" وهو حديث محجن الديلي وأبي ذر الغفاري ويزيد بن الأسود السوائي، ثم بيَّن ذلك بقوله:"وقالوا: إنه" أي: وقال هؤلاء الآخرون أن التبيان لما بين في بعض الأحاديث الأُوَل وهي أحاديث هؤلاء الثلاثة من الصحابة.
والباقي ظاهر غني عن مزيد من البيان وقد أشبعنا الكلام فيه عن قريب.
ص: وقد روي في ذلك عن جماعة من المتقدمين ما قد حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن
(١) بيض له المؤلف في "الأصل". والحديث أخرجه الطحاوي في باب: "الركعتين بعد العصر" (١/ ٣٠٣).