للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قوله: لأنه لا دليل عليه باطل؛ لأن مذهب أبي حنيفة الذي روى عنه الطحاوي والكرخي هو مقدار الناصية لحديث المغيرة المذكور، ولهذا قال أبو الحسين القدوري: والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية، وسكت عليه، ولا يلزم من هذا أن تكون الناصية ربع الرأس تحقيقًا، وأما إذا كان تقريبًا فلا يحتاج إليه؛ نعم روى الحسن عن أبي حنيفة أن مقدار الناصية هو الربع كما قال به زفر باعتبار أن الرأس لها أربعة أركان: الناصية، والقفا، والفودان، فبهذا الاعتبار تكون الناصية ربع الرأس، ولا يلزم من هذه القسمة أن تكون الناصية ربعًا حقيقيًا حتى يلزم ما ذكره ابن حزم، وقد قال ابن فارس: الناصية قصاص الشعر، ثم فسر القصاص بأنه نهاية منبت الشعر من مقدم الرأس، فهذا أعم من أن يكون ربع الرأس على الحقيقة، أو باعتبار أنه أحد الأركان الأربعة، وأما جوازه في غير الناصية فكما أن الرأس كله محل للمسح فلا تتعين الناصية دون غيرها، وإنما الذي تعين هو مقدار الناصية فافهم.

واستدل بعض الشافعية بالحديث المذكور على استحباب تتميم المسح بالعمامة، لتكون الطهارة على جميع الرأس، ولا فرق عندهم بين أن يكون لَبِس العمامة على طهر أو على حدث، وكذا لو كان على رأسه قلنسوة ولم ينزعها ومسح بناصيته يستحب أن يتممّ على القلنسوة كالعمامة، واستدل به أحمد علي جواز المسح على العمامة.

قال ابن المنذر: وممن مسح على العمامة: أبو بكر الصديق، وبه قال عمر، وأنس، وأبو أمامة، وروي عن سعد بن مالك، وأبي الدرداء، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والحسن، وقتادة، ومكحول، والأوزاعي، وأبو ثور.

وقال عروة، والنخعي، والشعبي، والقاسم، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: لا يجوز المسح عليها.

وفي "المغني": ومن شرائط جواز المسح على العمامة شيئان: أحدهما: أن تكون تحت الحنك، وسواء أرخي لها ذوابة أولا، قاله القاضي، ولا فرق بين الصغيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>