معًا، بل مسح على العمامة مرةً، ومسح على الناصية في مرة أخرى. وفيه نظر؛ لأنه ليس للتفقه فيه مجال فلا بدّ من النقل على ذلك، ويمكن أن يقال أنه مسح مرتين، مرةً على الناصية، ومرةَّ عَلى العمامة، كما نقل عنه المسح في غير هذا الحديث تارة مرةً، وتارة ثلاثًا، ويدل على ذلك تكرار قوله:"فمسح بناصيته" بعد قوله: "فمسح على عمامته"، ولم يقل: فمسح على عمامته وناصيته، فافهم.
وقال ابن حزم أيضًا ما ملخصه: إن الناس اختلفوا في مسح الرأس، فقال مالك بعموم مسح الرأس في الوضوء، وقال أبو حنيفة بمسح مقدار ثلاث أصابع، وعنه ربع الرأس، وقال الثوري: يجزئ في الرأس مسح بعضه ولو شعرة واحدة، ويجزئ مسحه بأصبع، وببعض أصبع، وحد أصحاب الشافعي ما يجزئ من مسح الرأس بشعرتين، ويجزئ بأصبع وببعض أصبع، وأحب ذلك إلى الشافعي: العموم ثلاث مرات.
وقال أحمد بن حنبل: يجزئ للمرأة أن تمسح بمقدم رأسها. وقال الأوزاعي والليث: يجزئ مسح مقدم الرأس فقط، وقال داود: يجزئ من ذلك ما وقع عليه اسم مسح، وكذلك بما مسح من أصبع أو أقل أو أكثر، وأحب إليه العموم، وهذا هو الصحيح، وعن النخعي: إنْ أصاب هذا يعني مقدم رأسه، وصدغيه، وعن الشعبي: إنْ مسح جانب رأسه أجزأه، وروي أيضًا عن عطاء، وصفية بنت أبي عبيد، وعكرمة، والحسن، وأبي العالية، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم، ثم قال: ولا يُعرف عن أحدٍ من الصحابة خلاف لما روينا عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يدخل يده في الوضوء فيمسح به مسحة واحدة اليافوخ فقط، ولا حجة لمن خالفنا يعني مَن روي عنه من الصحابة وغيرهم: مسح جميع رأسه؛ لأنا لا ننكر ذلك بل نستحبه.
ثم قال: وأما تخصيص أبي حنيفة لربع الرأس، ولمقدار ثلاث أصابع ففاسد، لأنه لا دليل عليه، فإن قالوا: هو مقدار الناصية قلنا لهم: ومن أين لكم بأن هذا هو مقدار الناصية والأصابع تختلف، وتحديد ربع الرأس يحتاج إلى تكسير ومساحة، وهذا باطل.