للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنوب التي لا مُطالب لها من جهة العباد، والله أعلم.

ص: ففي هذه الآثار أيضًا الأمر بالإنصات إذا تكلم الإمام، فذلك دليل أن موضع كلام الإمام ليس بموضع صلاة، فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر: فإنا رأيناهم لا يختلفون أن من كان في المسجد قبل أن يخطب الإمام، فإن خطبة الإِمام تمنعه من الصلاة، فيصير بها في غير موضع صلاة؛ فالنظر على ذلك أن يكون كذلك داخل المسجد والإمام يخطب داخلًا له في غير موضع صلاة، فلا ينبغي أن يصلي، وقد رأينا الأصل المتفق عليه أن الأوقات التي تمنع من الصلوات يستوي فيها من كان قبلها في المسجد ومن دخل فيها المسجد في منعها إياهما من الصلاة، فلما كانت الخطبة تمنع مَن كان قبلها في المسجد من الصلاة كانت كذلك أيضًا تمنع من دخل المسجد بعد دخول الإمام فيها من الصلاة، فهذا وجه النظر في ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: أراد بهذه الآثار الأحاديث التي رواها عن سلمان وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص وأوس بن أوس.

قوله: "فذلك" أي الأمر بالإنصات.

قوله: "من طريق النظر" أي القياس.

قوله: "فإنا رأيناهم" أي أهل المقالة الأولى وأهل المقالة الثانية.

قوله: "ومن دخل فيها المسجد" أي في الأوقات التي تمنع من الصلوات.

وقوله: "المسجد" منصوب؛ لأنه مفعول "دخل". وقوله: "فيها" حال، وهو من قبيل دخلت الدار، وكان القياس أن يؤتى بكلمة "في" ولكنهم تركها توسعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>