للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر بعضهم أن المقبرة بالفتح أو الضم ليس بمقياس، أما الفتح فلأنه لم يُرد بها مكان الفعل -يعني موضع وقوع الفعل- ولا زمانه، بل أريد المكان المخصوص، والفتح لمكان الفعل أو زمانه، وأما الضم فظاهر؛ لأن مضارعها مضموم العين، فالقياس الفتح.

وفيه نظر؛ لأن الضم إنما يكون غير قياس إن لو أريد بها مكان الفعل، أما لو أريد بها المكان الخاص فلا يكون خارجًا عن القياس.

وقال ابن الحاجب في "شرح المفصل": وقد يدخل على بعضها تاء التأنيث مع جريها على القياس كالمزلّة والمقبرة، ومع مخالفته كالمظنة، وأما ما جاء على مَفْعُلة -بالضم- فأسماء غير جارية على الفعل ولكنها بمنزلة قارورة وشبهها.

قلت: معنى كلامه أنها أسماء غير مذهوب بها مذهب الأفعال، فإذا ضموا أرادوا اسم المكان مع قطع النظر عن كونه من الفعل كالقارورة فإنه اسم مع قطع النظر عن فعله فإنه لا يسمى كل ما يقر فيه الشيء قارورة وإن كان معنى القرار موجودًا فيه، وشبهها، فافهم.

قوله: "وقارعة الطريق" قال الجوهري: قارعة الطريق أعلاه.

قوله: "ومعاطن الإبل" المَعَاطِن جمع مَعْطَن وهو مبرك الإبل، وقد مرّ الكلام فيه مستوفى عن قريب.

قوله: "وفوق بيت الله -عز وجل-" أراد بها فوق الكعبة شرفها الله تعالى.

ويستنبط منه أحكام:

كراهة الصلاة في المزبلة؛ لأنها موضع الزبالات ولا تخلو عن النجاسات، وكراهتها في مجازر الإبل والبقر والشاء؛ لأجل النجاسة التي فيها من دماء الذبائح وأرواثها، فإن وجد هناك موضعًا طاهرًا وصُلي فيه فلا بأس به.

قال ابن حزم في "المحلى": والصلاة في البيعة والكنيسة وبيت النار والمجزرة -ما اجتنب البول والروث والدم- وعلى قارعة الطريق وبطن الوادي ومواضع

<<  <  ج: ص:  >  >>