للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وظهور أذنَيْه" أي مسح ظهري أذنيه، أطلق الجمع على التثنية مجازا كما في قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (١) أي قلباكما.

ص: فذهب قوم بلى هذا الأثر فقالوا: ما أقبل من الأذنين فحكمه حكم الوجه يغسل مع الوجه، وما أدبر منهما فحكمه حكم الرأس يمسح مع الرأس.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: الشعبيّ، وابن سيرين، والنخعي، وابن جرير الطبري، وإسحاق بن راهويه.

وقال أبو عمر: حكي هذا القول ابن أبي هريرة عن الشافعي (٢)، وقد روي عن أحمد مثله.

وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣): نا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: "ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس".

ثنا (٤) ابن عُلية، عن ابن عون، عن ابن سيرين: "كان يغسل أذنيه مع وجهه، ويمسحهما مع رأسه".


(١) سورة التحريم، آية: [٤].
(٢) في "التمهيد" (٤/ ٣٧) بعد أن عزا هذا القول لابن راهويه والحسن بن حي قال ابن عبد البر: وحكي عن أبي هريرة هذا القول وعن الشافعي والمشهور من مذهبه ما تقدم ذكره، رواه المزني والربيع والزعفراني والبويطي وغيرهم.
قلت: وهذا تحريف وتلفيق من محققه؛ والصواب ما أثبتناه، وابن أبي هريرة هو الإِمام أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي القاضي، قال الإِمام الذهبي في "السير" (١٥/ ٤٣٠): الإِمام شيخ الشافعية، من أصحاب الوجوه، انتهت إليه رئاسة المذهب، تفقه بابن سريج ثم بأبي إسحاق المروزي، وصنف شرحًا لمختصر المزني، أخذ عنه أبو علي الطبري والدارقطني وغيرهما. واشتهر في الآفاق.
وكأن محقق "التمهيد" لم يعرف ابن أبي هريرة، واستبعد أن يروي عن الشافعي فلفق الكلام حتى يستقيم مع فهمه دون التنبيه عليه، غفر الله لنا وله.
وكأن ابن عبد البر أراد أن يذكر الخلاف في الروايات عن الشافعي في المسألة.
(٣) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٤ رقم ١٦٥).
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٤ رقم ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>