للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثنا (١) ابن فضيل، عن حُصين، عن إبراهيم قال: "سألته عن مسح الأذنين، مع الرأس أو مع الوجه؟ فقال مع كلٍ".

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: الأذنان من الرأس يمسح مقدمهما، ومؤخرهما.

ش: أي خالف القوم المذكورين "في ذلك" أي في حكم الأذنين جماعة آخرون وهم: أبو حنيفة، والشافعي، ومالك، وأحمد، وأصحابهم، فقالوا: الأذنان من الرأس، فإذا كانتا من الرأس فتمسحان مع الرأس، وليس لهما حكم في الغسل، وقال ابن قدامة في"المغني": والأولى ألَّا يخل بمسحهما؛ لكونهما من الرأس، ولكون رسول الله - عليه السلام - مسحهما في وضوئه وقد صح أنه - عليه السلام - مسحهما مع رأسه ما أقبل منه وما أدبر، وصدغيه، وأذنيه مرة واحدة، وروى ابن عباس: "أن النبي - عليه السلام - مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما".

وقال الترمذي: حديث ابن عباس، وحديث الرُّبَيِّع صحيحان، فيستحب أن يدخل سبابته في صماخي أذنيه، ويمسح ظاهر أذنيه بإبهاميه.

وقال أبو عمر: قال داود: إنْ مسح أذنيه فحسن، وإنْ لم يمسح فلا شيء عليه، وأهل العلم يكرهون للمتوضئ ترك مسح أذنيه، ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي - عليه السلام -، ولا يوجبون عليه إعادة، إلَّا إسحاق فإنه قال: إنْ ترك مسح أذنيه عمدًا لم يجزه، وقال أحمد: إنْ تركها عمدًا أحببت أن يعيد، وقد كان بعض أصحاب مالك يقول: من ترك سُنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدا أعاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف، وليس لقائله سلف، ولا له حظّ من النظر، ولو كان ذلك كذلك لم يعرف الفرض والواجب من غيره.

وقال ابن حزم: وأما مسح الأذنين فليس بفرض، ولا هما من الرأس؛ لأن الآثار في ذلك كلها ضعيفة، فلو كانتا من الرأس لأجزأ أن يمسحا عن مسح


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٤ رقم ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>