للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأس، وهذا لا يقوله أحد، ويقال لهم: إنْ كانتا من الرأس فما بالكم تأخذون لهما ماء جديدا وهما بعض الرأس؟!

قلت: هذا كلام ساقط؛ لأنه يفرُّ من القياس، ويستدل على خصمه بالقياس على ما لا يخفى من كلامه، قلت: "لأن الآثار في ذلك ضعيفة كلها" غير صحيح؛ لأن الآثار الصحيحة في سُنية مسحهما كثيرة، وورد أيضًا بعض الآثار بأنهما من الرأس بأسانيد جيدة كما نُبينه- إنْ شاء الله.

وقوله: "فلو كان الأذنان ... إلى أخره"، قياس فاسد، على أنه لا يعمل بالقياس؛ لأن معنى كونهما من الرأس كونهما تبعًا لها، فحينئذ لا يثبت لهما حكم الأصل من كل وجه.

وقوله: "ويقال لهم ... إلى آخره" لا يرد على الحنفية أصلًا؛ لأنهم لا يأخذون لهما ماء جديدا، ولا على الشافعية أيضًا؛ لأنهم يأخذون ماء جديدا لورود الأثر، لا لكونهما ليستا من الرأس.

ص: واحتجوا في ذلك بما قد حدثنا الربيع، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: "أنه توضأ فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ".

ش: الربيع هو ابن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي، وأسد هو ابن موسى، وإسرائيل هو ابن يونس، وعامر بن شقيق بن جمرة -بالجيم- فيه مقال، والبقية ثقات.

وأخرجه الدارقطني (١): عن دَعلج، عن موسى بن هارون، عن أبي خيثمة، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل ... " إلي آخره نحوه.

وأخرجه البيهقي (٢) أيضًا نحوه.


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٨٦ رقم ١٣).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ٦٣ رقم ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>