وتقرير الجواب أن يقال: إن أمره - عليه السلام - إياهم بالخروج من الغد لأجل عيدهم قد يجوز أن يكون لأحد المعنيين:
الأول: أن يجتمعوا ويدعوا الله تعالى؛ لأنه يوم مجاور ليوم شريف وفيه مظنة الإجابة، ولا يلزم من الاجتماع هذا فعل الصلاة.
الثاني: أن يكون المراد من ذلك اجتماعهم في ذلك اليوم لتظهر كثرتهم وقوتهم ويبلغ ذلك إلى أعداء الدين فيعظم أمرهم عندهم ويقع رعبهم في قلوبهم، لا لأن يصلوا كما تُصلّى صلاة العيد، والله أعلم.
قوله:"أغمي عليه" على صيغة المجهول، يقال: أغمي علينا الهلال، وغمّي فهو مُغمّى ومُغمّى إذا حال دون رؤيته غيم أو قترة كما يقال: غم علينا يقال: صُمنا للغُمّى والغَمّى -بالضم والفتح- أي: صمنا عن غير رؤية وأصل التغمية الستر والتغطية ومنه أغمي على المريض إذا غشي عليه كأن المرض ستر عقله وغطاه.
قوله:"فأصبحنا صيامًا" أي صائمين وهو جمع صائم كالقيام جمع قائم والنيام جمع نائم.
قوله:"فجاء ركب" أي جماعة، وهو جمع راكب، ويقال: الركب اسم من أسماء الجمع كالنفر والرهط.
ص: وقد رأينا المصلي في يوم العيد قد كان أُمر بحضور من لا يصلّي.
حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: أنا هشيم، قال: أنا منصور، عن ابن سيرين، عن أم عطية.
وهشام، عن حفصة، عن أم عطية قالت:"كان رسول الله - عليه السلام - يُخرِج الحُيّض وذوات الخدور يوم العيد، فأما الحُيّض فيعتزلن ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين".
وقال هشيم: فقالت امرأةٌ: "يا رسول الله إن لم يكن لإحدانا جلبابٌ؟ قال: فلْتُعِرها أختُها جلبابها".