فلما كنّ الحُيَّض يخرجن لا لأجل الصلاة، ولكن لأن تصِيَبهُنّ دعوةُ المسلمين احتمل أن يكون النبي - عليه السلام - أمر الناس بالخروج من غد العيد لأن يجتمعوا فيَدْعوا فتُصيبهم دعوتهم لا للصلاة.
ش: أشار بهذا الكلام إلى تأييد ما ذكره من قوله: "قد يجوز أن يكون أراد بذلك أن يجتمعوا فيدعو لا لأن يصلوا كما يصلى العيد"، بيان ذلك أن الخروج إلى المصلى في غد العيد لا يلزم منه أن يصلوا كما يصلون يوم العيد، ألا ترى أنه - عليه السلام - كان يُخرج الحُيّض وذوات الخدور يوم العيد مع أنهن لم يكنّ يصلّين! وإنما كان القصد من ذلك أن يشهدن الخير وتصيبهن دعوة المسلمين.
فعلم أن ذلك أنه لا يلزم من الخروج ولا من الأمر به فعل الصلاة؛ فدلّ ذلك أن أمره - عليه السلام - بالخروج من غد العيد للمعنى الذي أمر به الحُيَّضَ وذوات الخدور لا لفعل الصلاة، والله أعلم.
ثم إسناد الحديث المذكور صحيح ورجاله رجال "الصحيح" ما خلا صالحًا.
وحفصة هي ابنة سيرين أخت محمَّد بن سيرين روي لها الجماعة.
وأم عطية اسمها نُسَيْبَة بنت كعب -ويقال: بنت الحارث- الأنصارية الصحابية.
وأخرجه الجماعة، فقال البخاري (١): ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا أيوب، عن حفصة بنت سيرين قالت: "كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد، فجاءت امرأة فنزلت قصر بني خلف فأتيتها فحدثت أن زوج أختها غزا مع النبي - عليه السلام - ثنتي عشرة غزوة فكانت أختها معه في ست غزوات فقالت: فكنا نقوم على المرضى ونداوي الكَلْمى، فقالت: يا رسول الله، على إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج؟ فقال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها فليشهدن الخير ودعوة المؤمنين. قالت حفصة: فلما قدمَتْ أمُّ عطية أتيتها