عن قتادة، عن أنس بن مالك:"أن عمومةً له شهدوا عند النبي - عليه السلام - على رؤية الهلال فأمرهم النبي - عليه السلام - أن يخرجوا للعيد من الغد".
ص: ولما لم يكن في الحديث ما يَدّلنا على حكم ما اختلفوا فيه من الصلاة في الغد فنظرنا في ذلك فرأينا الصلوات على ضربين:
فمنها ما الدهر كله لها وقتٌ غيرَ الأوقات التي لا تُصلّى فيها الفريضة، فكان ما فات منها في وقته فالدهر كله وقتٌ تُقْضَى فيه غير ما نهي عن قضائها فيه من الأوقات.
ومنها ما جُعل له وقت خاص ولم يُجعل لأحدٍ أن يُصليَه في غير ذلك الوقت، من ذلك الجمعة حكمها أن تُصلى يوم الجمعة من حين تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر فإذا خرج ذلك الوقت فاتت ولم يجز أن تُصلّى بعد ذلك في يومها ذلك ولا فيما بعده، فكان ما لا يُقضي في بقية يومه بَعْد فوات وقته لا يُقضي بعد ذلك، وما يُقضى بعد فوات وقته في بقية يومه ذلك قضي من الغد وبعد ذلك، وكل هذا مُجمع عليه.
وكانت صلاة العيد جُعِل لها وقت خاص في يوم العيد آخره زوال الشمس، وكلٌّ قد أجمع أنها إذا لم تُصلّ يومئذٍ حتى زالت الشمس أنها لا تُصلّى في بقية يومها ذلك، فلما ثبت أن صلاة العيد لا تقضى بعد خروج وقتها في يومها ذلك؛ ثبت أنها لا تُقضى بعد ذلك في غدٍ ولا غيره؛ لأنّا رأينا ما للذي فاته أن يقضيه من غد يومه جائز له أن يقضيه في بقية اليوم الدي وقته فيه، وما ليس للذي فاته أن يقضيه في بقية يَومْه ذلك فليس له أن يقضيه من غده، فصلاة العيد كذلك لما ثبت أنها لا تقضى إذا فاتت في بقية يومها؛ ثبت أنها لا تُقْضَى في غده، فهذا هو النظر في هذا الباب.
وهو قول أبي حنيفة فيما روِى عنه بَعْضُ الناس، ولم نجده في رواية أبي يوسف عنه هكذا، والله أعلم.