للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخف صلاته ثم انصرف فسلَّم على النبي - عليه السلام - فقال - عليه السلام -: "وعليك، فارجع فصلّ فإنك لم تُصَلّ"، وحديث أبي هريرة الذي أخرجه الجماعة (١) حيث قال - عليه السلام - لذلك الرجل الذي دخل المسجد ثم جاء فسلّم على رسول الله - عليه السلام - فقال: "ارجع فصل فإنك لم تُصلِّ" فإن أمره - عليه السلام - لم يكن لكونه دخل المسجد فصلّى وحده وإنما كان لتركه إصابة فرض من فرائض الصلاة.

وأما حديث علي بن شيبان فإنه أيضًا يحتمل أن معناه كالذي ذكرناه في حديث وابصة ويكون معنى قوله: "لا صلاة لفرد خلف الصف" معنى قوله - عليه السلام -: "لا وضوء لمن لم يُسم الله" (٢) و"لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (٢)، وهو أن يكون محمولًا على نفي الفضيلة والكمال، فيكون معناه: لا صلاة كاملةً لفرد خلف الصف ومثل هذا شائع سائغ في الكلام.

فإن قيل: ما الدليل على صحة هذا الحمل؟

قلت: هو أنه قد أتى بأركان الصلاة التي يتعلق بها الجواز، فدل أن صلاته جائزة وإنما دخلها النقص بارتكابه المنهيِّ، فتكون صلاته صلاة غير كاملة، ولهذا قلنا: يستحب إعادته، وقد حقق هذا الكلام مرةً في باب: "التسمية على الوضوء".

وقال بعضهم: إن أمره - عليه السلام - إياه بالإعادة للاستحباب لا للإيجاب، والدليل عليه: حديث المرأة المصلية خلفه في حديث أنس منفردةً، وحكم الرجل والمرأة في هذا واحد.

وروى الطبراني في الأوسط (٣) من حديث يونس بن عبيد، عن ثابت، عن


(١) البخاري (٥/ ٢٣٠٧ رقم ٥٨٩٧)، ومسلم (١/ ٢٩٨ رقم ٣٩٧)، وأبو داود (١/ ٢٨٧ رقم ٨٥٦)، والترمذي (٢/ ١٠٣ رقم ٣٠٣)، والنسائي (٢/ ١٢٤ رقم ٨٨٤)، وابن ماجه (١/ ٣٣٦ رقم ١٠٦٠).
(٢) تقدم.
(٣) "المعجم الأوسط" (٣/ ١٣٤ رقم ٢٧١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>