للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وأما من طريق النظر: فإنا قد رأيناهم لا يختلفون أن المحرمة ليس لها أن تغطي وجهها، ولها أن تغطي رأسها، وكلٌّ أجمع أن لها أن تغطي أذنيها ظاهرهما وباطنهما، فدلّ ذلك أن حكمهما حكم الرأس في المسح لا حكم الوجه.

ش: هذا ظاهر.

قوله: "رأيناهم" أي أهل المقالة الأولى والثانية، وجه القياس يقول الأذنان من الرأس: لأنهما تُغطيان معها في إحرام المرأة، وكل جزء من أجزاء الرأس يغطي فهو من الرأس، ينتج أن الأذنين من الرأس.

ص: وحجةٌ أخرى: أنا رأيناهم لم يختلفوا أن ما أدبر منهما يمسح مع الرأس، واختلفوا فيما أقبل منهما على ما ذكرنا، فنظرنا في ذلك، فرأينا الأعضاء التي اتفق على فرضها في الوضوء هي: الوجه، واليدان، والرجلان، والرأس، فكان الوجه يغسل كله، وكذلك اليدان، وكذلك الرجلان، ولم يكن حكم شيء من تلك الأعضاء خلاف حكم البقية، بل جعل حكم كل عضو منها حكمًا واحدا فجعل مغسولا كله أو ممسوحا كله، واتفقوا أن ما أدبر من الأذنين فحكمه المسح، فالنظر على ذلك أن يكون ما أقبل منهما كذلك، وأن يكون حكم الأذنين كله حكما واحدا كما كان سائر الأعضاء التي ذكرنا؛ فهذا هو وجه النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أي "حجة أخرى" عقلية، وارتفاعها بالابتداء، وخبرها قوله: "إنا رأيناهم" أي أهل المقالتين، وهذه ظاهرة، ولكن قيل: هذا النظر ليس بمستقيم؛ لأن الأذنين ليستا من الأعضاء الأربعة التي اتفق على فرضيتها حتى يلزم أن يكون حكمهما حكمًا واحدا، فنقول: لا يضرنا ذلك؛ لأن حقيقة وجه النظر هو أن الوضوء ليس فيه عضو -سواء كان عضو الفرض كالأعضاء الأربعة أو عضو السُّنه كالرقبة- يختلف حكمه بأن يمسح بعضه ويغسل بعضه، بل إما يغسل كله وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>