ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إذا طلعت عليه الشمس وهو في صلاته فسدت عليه.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله، فإنهم قالوا: إذا طلعت على المصلي الشمسُ وهو في صلاته فسدت صلاته؛ لأنه شرع فيها في الوقت الكامل، فاعتراض طلوع الشمس يفسد؛ لأن ما وجب كاملًا لا يتأدى بالناقص، كالصوم المنذور المطلق أو صوم القضاء لا يتأدى في أيام النحر والتشريق بخلاف صلاة العصر فإنها لا تفسد باعتراض غروب الشمس عليها؛ لأن ما بعد الغروب وقت كامل وقد كان شرع في الوقت الناقص فيتأدى بالكامل.
فإن قيل: يلزم أن يفسد العصر إذا شرع فيه في الجزء الصحيح ومدّها إلى أن غربت.
قلت: لما كان الوقت متسعًا جاز له شغل كل الوقت فيُعفى للفساد الذي يتصل فيه بالبناءة؛ لأن الاحتراز عنه مع الإقبال على الصلاة متعذر.
ص: وقالوا: ليس في هذا الأثر دلالة على ما ذهب إليه أهل المقالة الأصل؛ لأن قول النبي - عليه السلام -: "مَنْ أدرك من صلاة الصبح ركعةً قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك" قد يحتمل ما قال أهل المقالة الأولى، ويحتمل أن يكون عَنى به الصبيان الذي يبلغون قبل طلوع الشمس، والحُيَّض اللاتي يَطْهرن، والنصارى الذين يسلمون؛ لأنه لما ذكر في هذا الإدراك ولم يذكر الصلاة، فيكون هؤلاء الذي سميناهم ومن أشبههم مدركين لهذه الصلاة ويجب عليهم قضاؤها، وإن كان الذي بقي عليهم من وقتها أقل من المقدار الذي يصلونها فيه.
قالوا: وهذا الحديث هو الذي ذهبنا فيه إلى أن المجانين إذا أفاقوا والصبيان إذا بلغوا والنصارى إذا أسلموا والحيض إذا طهرن وقد بقي عليهم من وقت الصبح